في الحقيقة أعتبر هذا السؤال هو سؤال فخ! لأنه يعصف ذهني بالعديد من التساؤلات منها: ما أسباب تركك للدراسة؟ ما مخططاتك بعد تركك للدراسة؟ هل قمت باستشارة شخص ما قبل اتخاذك هذا القرار؟ ما رأي من حولك في قرارك؟ ما حالتك الاجتماعية؟ هل لديك التزامات مالية محددة؟ ما العمل الذي ستتخذه بعد ترك الدراسة؟ ما الأدوات التي ستساعدك عند ترك الدراسة؟
سأحاول وضع نفسي مكانك في وضعك الحالي. قد تقوم وسائل التواصل الاجتماعي بالترويج لبعض الأغنياء الحاليين على أنهم تركوا دراستهم لتحقيق حلمهم. فبعضهم ترك الحياة الجامعية في بدايتها، وبعضهم ترك وظيفته وتخصصه ليمضي في طريق الثراء. لكن هذا ليس الواقع! فقط 30% من مليارديرات اليوم لم يحصلوا على شهادة البكالوريوس. ووفقًا لـ شركة أبحاث Wealth-X، فإن 22٪ فقط من أصحاب المليارات الحاليين حاصلون على درجة الماجستير؛ 13٪ حاصلون على ماجستير في إدارة الأعمال و10٪ حاصلون على درجة الدكتوراه؛ أقل من ذلك حاصل على شهادة في القانون (3٪) أو شهادة في الطب (1٪).
لذلك يصعب عليّ أن أحدد أنك ستندم أملا، هذا ما تحدده أنت. مع أني أميل لنُصحك بألا تفعل، إلا إذا كان الأمر مرهق لك نفسيًّا. هنا يمكنك تأجيل الدراسة لفصل أو سنة حتى تتخلص من الإرهاق النفسي والعاطفي. وفي هذه الفترة يمكنك تطوير نفسك بالطريقة التي تراها مناسبة ضمن المساقات التدريبية، أو التطوع، أو القيام بمغامرة ما، أو حتى العمل بمهنة معينة. فلا يجب أن تترك الدراسة لتجلس في المنزل. عليك قبل أن تؤجّل- لا أن تترك – دراستك أن يكون لديك مخططًا بما تود عمله. لكن ما هي الفرص الحقيقية للحصول على عمل بدخل جيد في العالم العربي؟ وما هي الفرص لقبولك اجتماعيّا ومهنيًّا في مجتمع يرنو بنظره لأصحاب التخصصات العالية؟ صحيح أنّ الجامعة ليست المكان الوحيد الذي يمكنك التعلم فيه. ولو قمت بالتأجبل نظرًا سيكون لديك وقتًا (للتعلم والفشل) ولا تتعرض للضغوط، كما يمكنك استكشاف ومعرفة المزيد مما يعجبك، لكن هذا يعتمد على أفكارك وأهدافك المقبلة.
جزء من كونك إنسانًا هو أن تسأل وتختبر وتتعلم طوال حياتك. إذا كنت في الجامعة، فأنت بحاجة إلى الاستمرار حتى يكون لديك مجموعة مهارات قابلة للتوظيف. وبناءً على دراسات في سوق العمل تبين أنّ الفرد الحاصل على درجة جامعية في حياته يكسب أكثر بكثير مما يكسبه الشخص الذي ليس لديه شهادة جامعية. بالطبع هناك استثناءات لذلك، لكنك تقوم برمي النرد عند اتخاذ هذا الخيار، وتجعل نفسك في منطقة التخمين وليس الموثوقية.
إن الصناعة تتحرك في اتجاه حيث ستكون الشهادات الجامعية ضرورية في العقود القليلة القادمة. إذا كنت واثقًا من قدرتك على النجاح في المجال الذي اخترته وأن عدم حصولك على درجة علمية لن يؤثر على تطلعاتك المهنية أو إمكاناتك في الكسب، فيمكنك تجربة ذلك لعام. فإن لم تنجح فعد لجامعتك، وإن نجحت فوازن ما بين مهنتك الحالية وجامعتك. ابحث عن تدريب مهني في مكان ما في شركة صغيرة أو شركة ناشئة. تعلم من خلال الخبرة وفهم ما يعنيه أن تكون محترفًا ناجحًا واكتسب مهارات قابلة للتحويل إلى حد كبير مثل التسويق والمبيعات والعمليات التجارية وما إلى ذلك. تعلم كيف البيع والتسويق لذاتك في العالم الحقيقي. حوّل تعلمك إلى نوع من العمليات الإبداعية. لا تكتفي بقراءة كتاب - اكتب مراجعة كتاب أو مشاركة مدونة أو أنشئ مقطع فيديو على اليوتيوب حول هذا الكتاب. اغتنم أي فرصة متاحة لك، مهما كانت الظروف. تعلم كيفية إظهار عملك وتطوير بصمة رقمية خاصة بك، وهذا يمكن أن يكون في العطلات بين الفصول الدراسية أو بعد العودة من الجامعة. قم بتوثيق كل ما تفعله عبر الإنترنت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ومنشورات المدونات، وموقع الويب الشخصي، وموقع " أُجيب" وما إلى ذلك.