هل ندمت على قرارك في دراسة الطب وكيف تتعامل مع هذه المشاعر

2 إجابات
profile/د-عزالدين-أحمد-اسليم-الرواشده
د. عزالدين أحمد اسليم الرواشده
طبيب في مستشفى مدينة الحسين الطبية (٢٠٢٠-حالياً)
.
٢٠ يناير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
ليس للندم مكانٌ في قاموسي، و لكن لأصدقك القول أعتقد أني لم أكن ناضجاً كفايةً لاتخاذ هذا القرار ، ولم أكن أفهم ما أنا مقبلٌ عليه ، و أهدافي التي دخلت التخصص من أجلها لا أستطيع وصف تفاهتها و عدم المسؤولية النابعة منها ، فللأسف كنت طفلاً لا يفهم و لا يقوم إلا بما يطلب منه من قبل والديه ، و كنت أقول في نفسي بر الوالدين ، هم أكثر خبرةً منك بالحياة ، هم يستطيعون اتخاذ القرارات الصعبة عنك ، لم أكن أدري أنهم ليس بذلك الاطلاع الذي كنت أعتقده و لتفهم أكثر يا صديقي قم بأخذ كوبٍ من الشاي و اجلس و استمع لقصتي الباردة مثل هذا الشتاء البارد .

ولدت لأم طبيبة و أبٍ حاصل على الدكتوراه بهندسة الاتصالات، ووالدي هم قصص النجاح بعائلاتهم، فأبي انتقل من كونه راعياً يتيماً ليصبح مهندساً درس بدول أوروبا و عاد كأول مهندس في لواء عي بأكمله ، و أمي ولدت في عائلةٍ فقيرة و درست و اجتهدت و حققت المرتبة 11 في الفرع العلمي لطلبة التوجيهي بالمملكة ، و هي ثاني طبيبة بالعائلة بعد عمها و أول طبيبة أنثى في عائلتها بالكامل ، مثيرٌ للإعجاب صحيح ؟ ، و هذا يا صديقي كان سبب فخري بوالدي فهم أناس تحدّوا الصعاب التي واجهتهم ليتمكنوا من أن يكون الأفضل في وقتهم و الأفضل بين أقرانهم ، و بالحقيقة هم كذلك .


 والسبب في ذكري لهذا الأمر هو أن ما كان ينطبق في زمانهم لا ينطبق في وقتنا الحالي ، فعند حصولي على معدل يؤهلني لدراسة الطب في الأردن كان أول ما قاله لي والدي ، الطبيب ليس بالشخص الفقير و أسوأ الأطباء ميسور الحال ، و أمي قالت لي إن الطب متعب و لكن يمكنك أن تجتازه و أن قلت لهم أحب التصوير و آلة التصوير وصناعة الأفلام، فكان أول ردٍ لي أنه لا يطعم خبزاً بالأردن ، فقلت حصلت على منحة بالخارج فقالوا لي لن تجد وظيفةً بعد التخرج ، فقلت ما أفعل قالوا ادرس الطب فهو ضمانة لك و لمستقبلك ، و لم أكن مدركاً وقتها أن الله هو الرزاق و أن رزقي سيأتيني رغماً عن أنفي ، و لا ألقي باللوم عليهم فاللوم كله علي ، فهم نصحوني بالأمر الذي حقّق لهم النجاح في وقتهم و لم يعرفوا ما هو التخصص الأفضل في وقتنا الحالي ، و أنا لم أبحث في احتياجات سوق العمل و بالكمية الدراسية و الوقت المهدور الذي يحتاجه كل تخصص،  لم أفعل شيئاً ، بل قلت و لم لا .


لو عاد بي الزمن و كنت مدركاً لهذه الأمور لكنت اخترت دراسة الأعمال ، أو التصوير و الإخراج ، أو البرمجة فهذه هي متطلبات العصر الخاص بنا ، صحيح أن الطب مطلوب لكن التنافس زاد و البطالة بدأت فيه ، و دراسته الجحيم بذاته ، وهل تعلم أن الدراسة بعد الجامعة أغزر بكثير من أيام الدراسة الجامعية ، فأنت تهدر من عمرك ما يقارب العشر أعوام إن لم يكن أكثر و أنت تدرس و تتقدّم للامتحانات، لا أدري كيف يقوم الأهل بتوجيه أبنائهم لهذا الجحيم ، و الجدوى الاقتصادية و االاجتماعية تتحقق فيه بعد الخمسين أي أن أبنائي من سيحصلون على المال و السفرات التي ظننت أني سأحققها بدخولي لهذا التخصص يال مضيعة الوقت ، هكذا كنت أفكر حتى العام الماضي .


و الآن وصلت للحقيقة التالية ، أن هذا التخصص هو أفضل ما يسرّني إليه الخالق ، توصلت لها بعد بدء العمل بالمستشفى و القيام بالإجابة على موقع أجيب ، أصبحت أرى الأمور من ناحية أخرى، لم يعد يهمني المال و الوجاهة بالدرجة الأولى ، بل أصبح همي هو رسم البسمة على عجوزٍ قمت بمساعدتها بالشفاء و سماع ذلك الدعاء بعدها ( الله يوفقك يا ولدي ) أو ( الله يخفف عنك زي ما خففت عني) صار همي أخفف عن ذلك الطفل المجروح و أنقله من حالة البكاء الشديد للسكون و النوم الهانئ ، لا أستطيع حساب كمية الأجر من الله في مساعدة روح بشرية تحتاج لمن يخفف عنها ، في كل ابتسامة ، في كل حبة دواء ، أو حتى قطبة جراحية أقوم بها لا أدري كم يأجرني الله في أمر أقوم به لأحصل على المال و لأعيش حياةً ميسورة ، هكذا ،هكذا أواسي نفسي بكمية السعادة التي أراها في وجوه من أساعدهم ، هكذا أتغلّب على السهر و الإجهاد و حتى الإهانة أحياناً هذا ما أقوله لنفسي ،  فيا صديقي رزقي مكتوب و عمري مكتوب ، و أنا أفنيه لحياة الإنسان ، فالسؤال هو فيما تفني أنت عمرك ؟

الطب هو أعظم أمرٍ حدث لي ،هو أعظم مشروع دنيوي و للآخرة قام الله بتيسيرهِ لي ، فلست نادماً بل أصبحت ناضجاً ، فكلنا ميسرٌ لما خلق له ، فاحرص على عمارة الأرض في اختيارك ، و اعلم أن ربط الأهداف بالحياة الدنيا زائل و ما عند الله خير للأبرار .

إذا كنت وصلت لهذا الحد فأشكرك لمتابعة القراءة ، و أعتذر على الإطالة و لكن في القصة عبرة .

و السلام

و إذا فيك طاقةٌ لقراءة المزيد فقم بالقراءة عن تجارب غيري من التخصصات من خلال القيام بالنقر على الرابط التالي .

  • مستخدم مجهول
  • مستخدم مجهول
قام 7 شخص بتأييد الإجابة
profile/أسماء-وليد-أحمد-شاهين
أسماء وليد أحمد شاهين
آداب اللغة العربية
.
٢٨ أبريل ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
صحيح أني لم أدرس الطب، ولكن سأجيبك عن سؤالك من تجربتي الخاصة مع توضيحي لعدة أفكار ستفيدك:

عليك الإجابة بصورة صادقة مع نفسك، لماذا تخلل الندم نفسك؟ هل من صعوبة دراسة التخصص أم أنك تفشل في بعض المواد ولا تستطيع النجاح بها، أم أنك دخلت سوق العمل وتجد أن قدراتك المهنية غير كافية لتبدأ كطبيب؟ أم أن شعور الندم يأتي جراء عدم شعورك بالراحة رغم نجاحك وتفوقك في تخصصك؟

إن الإجابة على هذا السؤال سيدلك على الطريقة الصحيحة لتتعامل مع شعور الندم هذا.

فإن كان هذا الشعور يرادوك نتيجة الضغط بالدراسة والاختبارات والعمل المتعب، فتذكر أن لكل جانب جميل ضريبة، فهذا حلمك الذي جاهدت لأجله طوال سنوات ولكل تخصص مهما بدا لك أنه سهل لا بد من جوانب تؤرق دارسه وتتعبه.

ما الحل إذن؟

كلما راودك الندم تذكر إيجابيات تخصصك وابتعد تماماً عن التفكير بسلبياته، تذكر أنك تنقذ أو ستنقذ حياة الكثيرين وستشعر بالراحة والفخر بعد كل حالة تنجح معك، وستفخر بك عائلتك، وربما تكون سبباً لاختراع دواء أو لقاح ينقذ حياة الكثيرين!

أعلم أو ربما لا أعلم بالضبط مقدار الضغط الذي يتعرض له طالب الطب طوال فترة حياته وعمله وأنه لا يتوقف أبداً عن التعلم وأن القلق صديق وفي له؛ لكن التعب هذا يُجنى عند أول ابتسامة لمريض تنقذه.

إن الندم لا يكف عن مصاحبة كل واحد منا في جانب من حياته، خاصة إن شعرنا بالفشل أو الضعف والسبيل الوحيد للتخلص منه إما أن تجاهد نفسك وتحارب الندم أو تتخلى عن حلمك الذي طالما سهرت وتعبت من أجله.

وأعلم جيداً هذا الشعور المصاحب لسوء اختيار التخصص، ولكنني لم أستطع مجابهته ولم أستطع المكوث في مكان لا أشعر أنني جزء منه وحتى لا أشعر بالراحة، أذكر كيف كنت كتلةً من الكآبة حالما أستيقظ كل يوم للجامعة، كنت أتخلف عن كثير من أيام الدوام وأنا لا أعلم ما أصل هذا الشعور والكره، إلى أن اكتشفت أني زُرعتُ في مكان ليس لي، إلى أن تحليت بالشجاعة التي دفعتني لأغير تخصصي وأتخلى عنه رغم دخولي إياه عن رغبة وحب.

ومنذ ذلك الحين حتى اليوم لم أشعر بدقيقة ندم واحدة حيال دخولي تخصصي القديم أو تحويلي، لأنني أدرك جيداً أن الله يضعنا دوماً في الأماكن الآمنة لنا حتى وإن بدت لنا سوءًا أو كرهناها، فحتى ذاك الفشل أعتبره طريقي الذي أوصلني للنجاح الذي أحبه اليوم.

فقم بأخذ عزلة قصير لترتب فيها أفكارك وتتذكر أن مهنتك هي مهنة عظيمة وأنك ستكون فخوراً بنفسك عند كل نجاح صغير تحققه.