في عملي السابق الذي كرهته أشد الكره بصراحة فعلت ما يشابه ذلك, بداية فالوظيفة نفسها لم تعجبني من البداية لكنني كنت مضطرة, ضغط هائل فوق طاقتي, مع اهمال لصحتي النفسية والجسدية. حتى زملائي كانوا يكرهون هذه الوظيفة لكن لكل منهم طريقة في التكيف والتقبل, انا من الاشخاص صعبي المراس, ومقتنعة جدا بفكرة ان اعمل في الاشياء التي احبها فقط, لا استطيع ان اكرس حياتي وانفي حياتي الاجتماعية وأصبح عبدة لوظيفة لا احبها من الاساس, كانت حياتي عبارة عن عمل فقط, والنصف الثاني منها مراقبة وتدقيق وتوبيخ على توافه الامور.
في أول اشهر عرفت حق اليقين انني لن اكون سعيدة ابدا طالما انا هنا, ولكنني استمررت بالعمل على امل ان يتحسن شيء, ربما تتغير نفسيتي او ربما تتغير فكرتي الاولى التي اخذتها عن بيئة العمل التي كانت موجودة., مرت الشهور ولم يتغير شيء, بس زاد الامر سوء.
وصلت التعاسة بي ان مرضت مرضا جسديا من شدة التوتر والاكتئاب والضغط النفسي, اصبت بالتهاب العصب السابع, عانيت من المه لاشهر عديدة, كنت معتقدة انه التهاب اذن عادي كالذي يصاب به الاطفال, ولم استطع الذهاب الى الطبيب الى بعد 3 او 4 اشهر من الالم المتواصل كلما وضعت وضعت السماعات على اذني. اخبرني بانني مصابة بالتهاب العصب السابع والذي يبدأ من خلف الاذن ويصعد الى الرأس, وان سببه التوتر, طبعا بلا شك التوتر الذي سببه عملي, واخبرني انني بحاجة الى راحة لانه اذا تفاقم العصب سيتحول الى شلل نصفي في الوجه.
ذهبت الى التيم ليدر اخبرته بواحد اثنان ثلاثة, الاكتئاب والضغط والمرض الجسدي والاعياء النفسي ورغبتي اليومية بترك العمل والمقاومة والصبر, اخبرني انني من افضل الموظفين عنده ومن اسرعهم في تحقيق التارجت وانه يجب ان افكر جيدا ونصحني بعدم ترك عملي اذا لم تكن بيدي وظيفة اخرى مضمونة, بالطبع لم يكن بيدي أي شيء, فايجاد وظيفة في الاردن مثل البحث عن ابرة في كومة قش, سمعت نصيحته وصبرت لشهر او شهرين اخرين, زاد الاكتئاب تحولت الى شخص تعيس, روبوت يستيقظ بائسا يذهب الى العمل من عز الصباح ويرجع الى بيته هالكا متعبا فاقدا الرغبة في أي وكل شيء, بعد شهرين او شهر ونصف, لا اتذكر بالضبط. كتبت ايميل الاستقالة بدون سابق انذار وارسلته الى مديري. لم يكن بيده شيء غير ان يقبل استقالتي لانني قدمتها للمرة الثانية, المرة الاولى كانت عندما تحدثت معه مسبقا ورفضها ناصحا لي بأن افكر مليا في الامر.
استقلت من وظيفتي ورجعت لي حيويتي ونشاطي واقبالي على هواياتي.
لا انكر انني عجزت على ايجاد وظيفة اخرى ولكنني كنت محقة في قراري بالاستقالة, كانت تستهلكني جسديا ونفسيا وعقليا, وهي من الاساس لا تناسبني باي شكل من الاشكال, بالاضافة الى شعوري المستمر باني عبدة للمال لأنه كان الامر الوحيد الايجابي فيها. تخلصت من كل مشاكلي بتخلصي منها.