أغلبنا يحصر مفهوم الاستماع الجيد بعدم مقاطعة الآخرين أثناء تحدثهم، وامتلاك لغة جسد (مثل: هز الرأس) والتعليق بكلمات قصيرة (مثل: نعم، أفهمك…) لتؤكد للمتكلم أنك تستمع له، وقيامنا بإعادة صياغة كلام المتحدث (مثلًا: الذي تقصده بكلامك أن…، فأنت تعني بالذي قلته…).
لا يوجد مشكلة فعلية في إتباع هذه الأمور؛ لكن الدراسات الحديثة قد أثبتت أن قيامنا بهذه الأمور فقط لا تجعلنا نبدو كمستمعين جيدين. فالمستمعين الجيدين يقوم بأمور إضافية بجانب السلوكيات الثلاث التي ذكرتها سابقًا:
1 – قم بطرح الأسئلة: فمن الممكن أن تجلس وتهز رأس دون الاستماع لكلمة واحدة مما يقوله المتحدث، لكن من المستحيل أن تطرح سؤال يتعلق بالموضوع الذي يطرحه المتحدث دون الاستماع له. فطرح الأسئلة يجعل المتحدث متأكدًا من استماعك له؛ ويجعله يدرك أنك قد فهمت ما يتحدث عنه وتود المزيد من المعلومات الإضافية عن الموضوع.
2 – اصنع بيئة إيجابية للتحدث: فلا تستمع للطرف الآخر بدون أي تركيز أو تستمع لهدف الإجابة فقط، كن حقًا فضوليًا ومهتمًا بما يطرحه الطرف الآخر. فعندما يطرح المتحدث فكرة تتفق معها وتجدها رائعة لا مشكلة في أن تبين دعمك لما يطرحه.
3 – كن جزءًا من المناقشة لا الطرف الآخر منها: يجب أن لا يشعر بقية المتحدثين أنك تستمع لهم للفوز بالنقاش، فالهدف من هذه المحادثة هو الاستماع لما يود البقية قوله وإعطاء رأيك على نحو سلس لتضيف للنقاش.
فلا تعامل محادثاتك مع الآخرين وكأنها مناظرة معهم، وأنت طرف مختلف عنهم وتحتاج إلى الفوز. فلا تستمع لآخرين بهدف تصيد الأخطاء والأفكار غير المنطقية، ولا تستخدم وقت صمتك لتخطط لردودك القادمة.
4 – قدم الاقتراحات بالوقت والطريقة المناسبة: يمكنك تقديم الاقتراحات والحلول للآخرين أثناء قيامك بالتحدثك معهم، لكن تأكد من اختيار الوقت والطريقة المناسبة. فلا تقفز إلى طرح الاقتراحات قبل أن ينتهي المتحدث من كلامه، ولا تطرح الاقتراحات دون تنفيذ الخطوات اللازمة التي تجعله يعتقد أنك مستمع جيد؛ فلا أحد يريد اقتراح من شخص أمضى وقت التحدث كله بالنقد والتصرف بعدائية، وبكل تأكيد سيرفض اقتراح الفرد الذي أمضى وقت المحادثة صامتًا وكأنه لم يكن مهتمًا فيها من الأصل.
فالمستمع الجيد وبكل بساطة ليس ذلك الشخص الذي يستمع ويمتص المعلومات من الأخرين مثل الإسفنجة؛ بل هو الشخص الذي يستمع للآخرين تارة، ويضيف إلى النقاش بطريقة وفي الوقت مناسب تارة أخرى.
- المرجع الدراسة: