سأفترض في هذه النقطة عمر أطفالك دون السادسة ويمكنك أيضاً أن تقيسها على أيّ فئة عمريّة لأولادك.
أنت تقول في سؤالك أنّهم لا يسمعون كلامك لذا:
- أنت تقدّم النصائح والتوجيهات لهم.
- أخمّن أنّك تقدّمها في الوقت الخاطئ أو الغير مناسب بالنسبة لهم.
سوف أوضّح لك ذلك من خلال موقف بسيط جدّاً.
عندما يبكي طفلك الصغير يريد أن يلعب بالسكينة بالتأكيد أنّك لن تسمح له بذلك وعلى الفور ستأخذها منه وعندها سيبدأ الطفل بالصراخ والبكاء يريد أن يلعب بها.
ستبدأ حينها بإخباره عن مخاطر السكّين وأنّه قد يلحق الأذى بنفسه عند اللعب فيها فلا يجوز ذلك،
فتشعر وكأنّك تتحدّث مع نفسك في هذه اللحظات ولن يستوعب أبداً ما تقوله.
السبب في ذلك أنّك اخترت الوقت الغير مناسب (وقت صراخه أو نوبات غضبه)؛
عندما تريد أن يسمع كلامك ويؤثّر فيه لا بدّ أن تختار الوقت المناسب الّذي يكون طفلك قادراً وجاهزاً لسماع توجيهك أو التنبيه الّذي تريد التعديل فيه على سلوكه.
وعلماء النفس السلوكيّ قاموا بإجراء اختبار على قطّة كانت تجلس بهدوء فأسمعوها صوت معيّن،
ثمّ قرأوا تخطيط السجلّ العصبيّ لدماغها الّذي أظهر أنّها قد سمعت الصوت من خلال تخطيط الموجات كإشارة على ذلك.
وبعد ذلك أحضروا كرة لتلعب القطّة بها وأجروا نفس الاختبار، ولكن في هذه المرّة كانت القطّة منهمكة في اللعب وأسمعوها نفس الصوت وبقوّة أعلى،
ولكن كانت النتيجة على عكس المرّة الأولى تماماً فلم يجدوا أيّ تغيير في قراءة السجلّ العصبيّ لدماغها. وهذا يعني أنّ القطّة فعليّاً لم تسمع الصوت أبداً وهذا ما يؤكّد النقطة الّتي أخبرتك بها سابقاً فالوقت المناسب بالنسبة لهم مهمّ جدّاً.
عزيزي السائل، قد يكون الخوف أو الحرص الزائد أحياناً غير مرغوب عند الأولاد مع أنّ الهدف يكون نبيل وسامي بالنسبة للآباء والأمّهات،
عندما يكون الوقت الّذي تقضيه مع أولادك كلّه توجيهات، وتحذيرات وأوامر بسبب وبدون سبب، يؤثّر على الطفل أيّاً كان عمره فيشعر أنّه لا يستطيع أن يعمل شيء صحيح بدون أخطاء.
فإمّا يصبح الطفل معتمداً اعتماد كلّي عليك.
احتمال آخر يتولّد عنده وهو عدم سماع كلامك أو بلغة أخرى تطنيش ما تقوله فلا يعير انتباهه لكلامك أو يسمع ما تقول ولكن لا يبدي أيّ ردّة فعل أو استجابة تجاهه.
فأنصحك أن:
- تقلّل وتختصر من التوجيهات والأوامر،
- أعطي طفلك المساحة الكافية ليتصرّف ويتعلّم بمفرده إذا كان بعيداً عن الخطر ليسمع ويفهم ما تقوله جيّداً ويعمل به كما يجب. وتذكّر المثل الّذي يقول " الكثير من الشيء مثل القليل منه".
- أن تستخدم أسلوب البدائل بدلاً من أسلوب المنع خاصّة إذا كان ابنك عنيد،
مثلاً إذا كان ابنك كثير الحركة واللعب بشكل مزعج حاولت أن تمنعه من ذلك بطرق عديدة لطيفة أو عنيفة وقد تلجأ إلى التهديد أو الضرب أو الصراخ.
وكلّ ذلك بالتأكيد لن ينفع ولن يسمع كلامك مهما حاولت؛ فالأفضل من ذلك أن تعرض عليه بديلاً مثلاً أن تقول له اعلم أنّك تحبّ اللعب كثيراً، ولكنّ هذا المكان غير مناسب ما رأيك أن تذهب إلى الحديقة أو غرفة اللعب لتتحرّك بشكل مريح أكثر.
ولاحظ الفرق عندها لأنّه سوف يتقبّل ويستجيب لكلامك ويتعاون معك بطريقة رائعة. لذا احرص أن تجد دائماً بديلاً للموقف الّذي تريد أن يبتعد عنه، وثمّ اعرض عليه خيارات عديدة ودعه يختار الّذي يناسبه هو.