شكّل الزهد في كثير من العصورِ الأدبية اتجاهًا اجتماعيًا بارزًا، انعكسَ على الأدب بخصائصَ وسماتٍ اتّسقت مع معانيه من الدّعوة إلى الابتعاد عن الملذّات أو الانغماس في شهوات الحياة ومتاعها الزّائل. لذلك كانت معظم الآداب التي تناولت الزّهد وعرضت له قائمةً على نفسٍ وعظيّ بحت، لا يكترث باجتراح معانٍ جديدةٍ حول الحياة أو وصفٍ لجماليّاتها، بقدرِ ما هو وعظٌ لقارئيه ودعوةٌ لهم إلى التّفكر فيما بعد هذه الحياةِ الفانية، وفي حقيقة قِصَرها ومآلها إلى الزّوال. ولذلك قد يلحظ القارئ لأدب الزّهد وقوعه في نمطٍ مكرّر من الأفكار الجاهزة التي تتمّ قولبتها في قوالب فنّية مختلفة للتعبير عن أفكار متقاربة، كاقتراب الموت، وفجأته، وذمّ الدنيا والتّنافسِ عليها، وضرورة القناعة، والاكتفاء بأقلّ القليل من كماليّات العيش. وربّما أثّر هذا التّكرار لمعانيَ جاهزةٍ على وفرة الأساليب الفنيّة وتنوّعها داخل الأدب المعبّر عن الزهد، نتيجةً لالتفاتِ كاتبهِ عن مظاهر التّرف والتّنميق والزّخرفة، لا في الحياةِ الواقعيّة حسب، إنّما في أدبه الذي ينظمهُ كذلك.