يعتبر الحديث النبوي الصحيح المصدر الثاني للتشريع والاستدلال بعد القران الكريم ، فالحديث النبوي وحي من الله لرسوله عليه الصلاة والسلام ، ولكن لم نتعبد بلفظه كما هو الحال بالنسبة للقران الكريم ، فمعناه وحي أما لفظه فهو من النبي عليه الصلاة والسلام ، ولما كان الحديث وحي كان حجة باتفاق العلماء .
قال تعالى " وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى "
وقال تعالى " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا "
وقال تعالى " وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا ان يكون لهم الخيرة من أمرهم " .
و في صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود قال: لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله. قال: فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها: أم يعقوب وكانت تقرأ القرآن فأتته فقالت: ما حديث بلغني عنك أنك لعنت الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله؟ فقال عبد الله: ومالي لا ألعن من لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وهو في كتاب الله، فقالت المرأة: لقد قرأت ما بين لوحي المصحف فما وجدته، فقال: لئن كنت قرأتيه فقد وجدتيه، قال الله عز وجل: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا .
فابن مسعود جعل لعن النبي صلى الله عليه وسلم كأنه لعن من الله ، وأنه وارد في كتاب الله لأنه إذا صح الحديث عن النبي فهو وحي من الله بمعناه كما أسلفنا .
وجاء في الحديث عن المقدام بن معدي يكرب رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال ( ألَا هلْ عسى رجلٌ يبلغُه الحديثَ عنِّي وهوَ متكئٌ على أريكتِهِ ، فيقولُ : بيننا وبينكم كتابُ اللهِ ، فما وجدنَا فيهِ حلالًا استحللنَاهُ ، وما وجدنا فيهِ حرامًا حرمناهُ ، وإنْ ما حرَّمَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ كمَّا حرَّمَ اللهُ) ( رواه الترمذي ).
وفي رواية ( ألا إني أوتيت القران ومثله معه ) يعني السنة .
لذا اتفقت كلمة العلماء على الاحتجاج بالحديث النبوي ، والحكم بضلال من رفض الاحتجاج بالسنة النبوية ، هذا من حيث الجملة .
ولكن جرى اختلاف بين طوائف الأمة وفرقها في الاحتجاج بالسنة النبوية في بعض المجالات ، حيث اتفقوا على الاحتجاج فيها في مجال الأحكام الفقهية العملية ، ولكن اختلفوا على الاحتجاج فيها في المجال العقدي وهي المسالة التي يسميها العلماء الاحتجاج بأحاديث الآحاد في العقائد .
ومذهب أهل السنة والجماعة هو الاحتجاج بالحديث النبوي الصحيح سواء في باب العقائد او الأحكام الفقهية وعدم التفريق بينهما كما كان حال السلف رحمهم الله ، ولهم أدلة كثيرة على ذلك .
والله أعلم