- مراقبة الناس تأتي بمعنى التجسس عليهم، والتجسس في الأصل محرم ومنهي عنه لقوله تعالى: (وَلَا تَجَسَّسُوا)، إلا أنه يكون مشروع في بعض الأحيان إذا ما كان فيه مصلحة واضحة كحفظ النفس والعرض وغير ذلك من الضروريات، مثل أن يخبر أحدهم أنه راقب فلان فوجده ينوي قتل أخيه، أو السرقة، أو غيره مما يقتضي التدخل ومنع الحادثة من الوقوع، فهنا التجسس يكون مشروع.
- التجسس دليل على فساد الخلق ومضيعة الوقت والفراغ النفسي وضعف الإيمان، قال ابن القيم رحمه الله: "طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، وويل لمن نسي عيبه وتفرغ لعيوب الناس، فالأول علامة السعادة، والثاني علامة الشقاوة"، والتجسس يولد العداوة والبغضاء بين القلوب، ويؤدي إلى الكره والحقد والغيرة ويفسد العلاقات ويورث النزاعات وأمراض القلب النفسية، قال الله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم﴾ [سورة الحجرات، 12]. وقد قال الشاعر سلم الخاسر في أحد بيوت الشعر التي نثرها : من راقب الناس مات هما و فـــــــــاز باللـــذة الجســـور.
- الأحاديث التي تناولت الحديث عن التجسس ومراقبة الناس:
1. عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا كما أمركم. المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله ولا يحقره، التقوى ها هنا التقوى ها هنا» ويشير إلى صدره «بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وعرضه، وماله. إن الله لا ينظر إلى أجسادكم، ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم». وفي رواية: «لا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تجسسوا، ولا تحسسوا، ولا تناجشوا وكونوا عباد الله إخوانا». وفي رواية: «لا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخوانا» وفي رواية: «لا تهاجروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض». رواه مسلم
2. عن معاوية - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنك إن اتبعت عورات المسلمين أفسدتهم، أو كدت أن تفسدهم». حديث صحيح، رواه أبو داود
3. عن ابن مسعود - رضي الله عنه -: أنه أتي برجل فقيل له: هذا فلان تقطر لحيته خمرا، فقال: إنا قد نهينا عن التجسس، ولكن إن يظهر لنا شيء، نأخذ به. حديث حسن صحيح، رواه أبو داود
4. عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أي المسلمين أفضل؟ قال: "من سلم المسلمون من لسانه ويده". (متفق عليه)
5. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ ) رواه الترمذي وصححه الألباني. فهذا الحديث يرشدنا إلى عدم مراقبة الناس والحرص على معرفة أسرارهم وأحوالهم وأمورهم الخاصة .
6- وحديث أنس رضي الله عنه قال : توفى رجل من أصحابه يعني النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال رجل : أبشر بالجنة .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أو لا تدري !؟ فلعله تكلم بما لا يعنيه، أو بخل بما لا يغنيه ) صححه الألباني في "السلسلة الصحيحة
-وعليه : فالصل بالمسلم أن ينشغل بعيوبه نفسه ويبتعد عن مراقبة الناس والبحث عن عيوبهم ، فلو نظر الناس إلى عيبهم ما عاب إنسان على الناس .