أولاً: قولهم (كيف جمع هذا الكم من أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم..) خطأ وفيه جهل بعدد أحاديث صحيح البخاري، فهي لم تزيد بعد حذف المكرر منها عن 2000 حديث، ومع المكرر عن 4000 حديث.
فأين هو الكم الكبير والهائل من الأحاديث؟!
ثانياً: قولهم (والفارق بينهما 500 سنة) جهل أيضاً، لأن النبي عليه الصلاة توفي عام 11 هـ، والبخاري ولد سنة 194 هـ وتوفي عام 256 هـ، فبينهما أقل من 200 سنة وليس 500 كما قال المعترض.
ثالثا: اسأل هذا المعترض إلى أي عائلة ينتسب، وكيف يتأكد من نسبه ولحوقه بهذه العائلة؟ فسيجيبك أنهم توراثوا هذا الانتساب عن طريق سلسلة النسب فالسابق يخبر اللاحق أنه والده فلان وهكذا.. قد تطول سلسلة الانتساب حتى يدخل فيها عشرات وتطوي أكثر من 200 سنة، وكل هذا يجري من غير نكير من أحد، مع أن الاعتماد على ما يتوارثه سلسلة النسب من انتساب لآبائهم.
وكذلك الحال في رواية الحديث سواء عند البخاري أو غير البخاري من أئمة الحديث، فإن الاعتماد فيه على سلسلة الرواة بعد التأكد من عدالتهم وضبطهم وقوة حافظتهم.
فلماذا يقبل هذا المعترض كلام آبائه في انتسابه إلى عائلة معينة وإنما مجرد نقل إليه، ولا يقبل نقل العدول الثقات لكلام النبي عليه الصلاة والسلام، مع أنهم كانوا يعظمون النبي ويعلمون أن الكذب عليه ليس كالكذب على أي أحد؟!
خاصة أن سلسة الرواة بين الإمام البخاري رحمه الله وبين رسول الله ليست طويلة كما يعتقد هذا المعترض بل بعضها فيها 3 رواة، وبعضها فيها 4 رواة وقليل منها فيها 5 رواة.
رابعاً: لعل هذا المعترض يعتقد أن البخاري رحمه الله كان جالساً في بيته على أريكته مستريحاً فسمع أحدهم ينقل حديثاً عن رسول الله فكتب ما سمع حتى جمع صحيحه!
أفلا يعلم هذا المعترض أي جهد بذله البخاري رحمه الله في جمع هذه الصحيح من سفر وتنقل من بلد إلى بلد وسهر وجمع وكتابة وتحري وتلقي عن الشيوخ وبحث في أحوال الرواة وتأكد من صدقهم وضبطهم ومقارنته بين رواياتهم وجمع كلام الشيوخ والعلماء فيهم، وقد أخذ منه هذا سنوات وسنوات من البحث والدراسة والسفر.
ثم يأتي هذا المعترض وهو جالس على أريكته بلا بحث ولا دليل ولا فكر ولا عقل ليعترض عل البخاري، ويهدر جهوده ويسفه علمه لأن عقله السقيم لم يستوعب هذه الأحاديث.
وكما قيل الإنسان عدو ما يجهل!
خامساً: وإذا كان العلماء السابقين كلهم قد فحصوا وبحثوا في صحيح البخاري ودرسوه وفتشوه حديثاً ودرسوا أسانيده رجلاً رجلاً، فاتفقوا على صحة ما فيه سوى بضع أحاديث قليلة اختلفوا فيها اختلافاً يسيراً، فهذا كلام المتخصصين الفاهمين أصحاب الخبرة والعلم والفهم، فلماذا نهدر كلام أهل الخبرة والعلم ونأخذ كلام هذا المعترض الذي ليس له من العلم نصيب!
وكما أن كل علم يرجع فيه إلى المختص فيه فكذلك هذا العلم لا بد أن يرجع فيه إلى أهله.
والله أعلم