ما ورد في طريقة موت الملائكة حديث طويل، يعرف بحديث الصور، نذكر منه الجزء المتعلق بموت الملائكة، وهو الآتي:
"ثمَّ يأمرُ اللهُ إسرافيلَ بنَفخةِ الصَّعقِ فينفُخُ نفخةَ الصَّعقِ فيُصعَقُ أهلُ السَّمواتِ والأرضِ إلَّا من شاء اللهُ فإذا هم قد خمِدوا وجاء ملَكُ الموْتِ إلى الجبَّارِ عزَّ وجلَّ فيقولُ يا ربِّ قد مات أهلُ السَّمواتِ والأرضِ إلَّا من شئتَ فيقولُ اللهُ وهو أعلمُ بمن بقي فمن بقي فيقولُ يا ربِّ بقيتَ أنت الحيُّ الَّذي لا تموتُ وبَقِيتْ حمَلةُ العرشِ وبقي جبريلُ وميكائيلُ وبقيتُ أنا فيقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ ليمُتْ جبريلُ وميكائيلُ فيُنطِقُ اللهُ العرشَ فيقولُ يا ربِّ يموتُ جبريلُ وميكائيلُ فيقولُ اسكُتْ فإنِّي كتبتُ الموتَ على كلِّ من كان تحت عرشي فيموتان ثمَّ يأتي ملَكُ الموْتِ إلى الجبَّارِ فيقولُ يا ربِّ قد مات جبريلُ وميكائيلُ فيقولُ اللهُ وهو أعلمُ بمن بقي فمن بقي فيقولُ بَقيتَ أنت الحيُّ الَّذي لا تموتُ وبَقِيتْ حمَلةُ عرشِك وبقيتُ أنا فيقولُ اللهُ ليمُتْ حمَلةُ عرشي فيموتوا ويأمرُ اللهُ العرشَ فيقبِضُ الصُّورَ من إسرافيلَ ثمَّ يأتي ملَكُ الموتِ فيقولُ يا ربِّ قد مات حمَلةُ عرشِك فيقولُ اللهُ وهو أعلمُ بمن بقي فمن بقي فيقولُ يا ربِّ بَقيتَ أنت الحيُّ الَّذي لا تموتُ وبقيتُ أنا فيقولُ اللهُ أنت خلقٌ من خلقي خلقتُك لما رأيتَ فمُتْ فيموتُ فإذا لم يبْقَ إلَّا اللهُ الواحدُ القهَّارُ الأحدُ الَّذي لم يلِدْ ولم يُولَدْ كان آخرًا كما كان أوَّلًا طوَى السَّمواتِ والأرضَ طيَّ السِّجلِّ للكُتبِ ثمَّ دحاهما ثمَّ يلقفُهما ثلاثَ مرَّاتٍ ثمَّ يقولُ أنا الجبَّارُ أنا الجبَّارُ أنا الجبَّارُ ثلاثًا ثمَّ هتف بصوتِه لمن المُلكُ اليومَ ثلاثَ مرَّاتٍ فلا يُجيبُه أحدٌ ثمَّ يقولُ لنفسِه للهِ الواحدِ القهَّارِ يقولُ اللهُ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ فيبسطُهما ويُسطِّحُهما ثمَّ يمُدُّهما مدَّ الأديمِ العُكاظيِّ لا ترَى فيها عِوجًا ولا أمْتًا ثمَّ يزجُرُ اللهُ الخلْقَ زجْرةً فإذا هم في هذه الأرضِ المُبدَّلةِ مثلُ ما كانوا فيها من الأولَى من كان في بطنِها كان في بطنِها ومن كان على ظهرِها.." إلى آخر الحديث
اتفق أهل العلم على أن هذا الحديث موضوع، ومنهم من قال بأنه منكر لا يصحّ، ولا يثبت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وأجمع أهل العلم على أنه لم يرد نص ثابت في الكتاب أو السنة يصرّح بموت الملائكة، والعلماء في ذلك على قولين:
القول الأول: قول جمهور العلماء
وهم على قول أن الملائكة تموت آخر الزمان، مستدلين بقول الله سبحانه وتعالى: (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) القصص/88
قيل: إن الله تعالى لمّا أنزل (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ) [الرحمن: 26]، فقالت الملائكة: هلك أهل الأرض، وطمعوا في البقاء، فأخبر تعالى: عن أهل السماء والأرض أنهم يموتون، فقال: "كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ" [القصص: 88] لأنه حي لا يموت، فأيقنت الملائكة عند ذلك بالموت.
القول الثاني: بعض العلماء على قول عدم ثبوت موت الملائكة، وبالتالي عدم القول بموت الملائكة.
يقول ابن حزم في "الفصل في الملل والأهواء والنحل" (4/21):
" ولا نص ولا إجماع على أن الملائكة تموت، ولو جاء بذلك نص لقلنا به، بل البرهان موجب أن لا يموتوا؛ لأن الجنة دار لا موت فيها، والملائكة سكان الجنان، فيها خلقوا وفيها يخلدون أبدا، وكذلك الحور العين، وأيضا فإن الموت إنما هو فراق النفس للجسد المركب، وقد نص رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن الملائكة خلقوا من نور، فليس فيهم شيء يفارق شيئا فيسمى موتا ".