ما صحة أن أهل بدر مغفور لهم وهل جميعهم في الجنة

2 إجابات

عندي سؤال جناب الدكتور

لو كان هذا الحديث سالم سندا ومتنا فلماذ جلد عمر بن الخطاب قدامة بن مضعون على شربه الخمر مع انه شهد بدر فاما عاقبه على ذنبا او لا ؟ اما الثاني فيلزم عقاب من لا ذنب له وهو قبيح واما الاول فهذا لا ينسجم مع الحديث لانه يقول اعملو ما شئتم هذا على نحو الاطلاق حتى لو فعل اعظم من شرب الخمر وهو الزنا بالمحارم والعياذ بالله

ارجو الاجابة

profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
٢٥ أبريل ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
 نعم صحيح/ قال صلى الله عليه وسلم: لعل الله اطّلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم؛ فقد غفرت لكم. رواه البخاري

فمن المعلوم بأن لأهل بدر منزلةً عظيمةً عند الله تعالى ولهم أثر كبير في نفوس المسلمين جميعا.
وقال كعب بن مالكٍ: (وإن كانت بدرٌ أَذكر في الناس منها) رواه البخاري

أي: كانت معركة بدر أعظم ذكرًا عند الناس، وفي رواية ثانية عند مسلم: "وإن كانت بدرٌ أكثر ذكرًا في الناس".

ومِن الميزات التي اختصها الله تعالى لأهل بدرٍ أنهم مغفورٌ لهم، وبذلك يقتضي ضمان حُسن الخاتمة لهم، وأن الله تعالى غفر ذنوبهم جميعا،
وحتى إنْ وقع منهم بعض الذنوب فقد ضمن لهم التوفيق للتوبة قبل الوفاة، والموت على التوحيد الخالص.

فقد ورد عن الصحابي عليٍّ بن أبي طالب- رضي الله عنه - أنه قال في قصة حاطب بن أبي بَلْتَعَة لما خاطَب أهل مكة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (إنه قد شهد بدرًا، وما يدريك؟ لعل الله أن يكون قد اطَّلَع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرتُ لكم). رواه البخاري ومسلم

والمقصود أن السيئات مغفورةٌ لهم بإذن الله تعالى بتلك الحسنات، فبَيَّنَ - صلى الله عليه وسلم - أنه باقٍ على إيمانه، وأنه سبق منه ما يغفر له به الذنوب.

قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة في كتاب الصارم المسلول:

أنه من المضمون لأهل بدرٍ هو المغفرة؛ إما بأن يستغفروا إن كان الذنب مما لا يغفر إلا بالاستغفار، أو لم يكن كذلك، وإما بدون أن يستغفروا؛ ألا ترى أن قُدامة بن مَظْعونٍ - وكان بدريًّا - تأول في خلافة عمر ما تأول في استحلال الخمر من قوله تعالى: (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا) سورة لمائدة: رقم 93

حتى أجمع رأي عمر وأهل الشورى أن يستتاب هو وأصحابه، فإن أقروا بالتحريم جلدوا، وإن لم يقروا به كفروا، ثم إنه تاب، وكاد يفقد الأمل في المغفرة لعِظَمِ ذنبه في نفسه، حتى أرسل إليه عمر - رضي الله عنه - بأول سورة غافرٍ، فعلم أن المضمون للبدريين أن خاتمتهم حسنةٌ، وأنهم مغفورٌ لهم، وإن جاز أن يصدر عنهم قبل ذلك ما عسى أن يصدر؛ فإن التوبة تَجُبُّ ما قبلها

وقد أورد العلامةُ ابن القيِّم في كتاب "زاد المعاد" في فوائد هذه القصة معركة بدر:

أن المعصية من الكبائر العظيمة مما دون الشرك قد تُكَفَّر بالحسنة الكبيرة الماحية، كما وقع الجَسُّ مِن حاطب مكفرًا بشهوده بدرًا،
فإن ما اشتملتْ عليه هذه الحسنة العظيمة من المصلحة وتضمنته مِن محبة الله لها، ورضاه بها، وفرحه بها، ومباهاته للملائكة بفاعلها، أعظم مما اشتملتْ عليه سيئةُ الجس من المفسدة، وتضمنته من بغض الله لها، فغلب الأقوى على الأضعف فأزاله، وأبطل مقتضاه، وهذه حكمة الله في الصحة والمرض الناشئين من الحسنات والسيئات، الموجبين لصحة القلب ومرضه،

وأن محو السيئات بالحسنات ثابت؛ لقوله تعالى: (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) سورة هود: آية 114،
وقول الله تعالى: (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ) سورة النساء: آية 31.


وننوه إلى أن أهل بدر ليس معناه أنهم مأذون لهم في فعل ما شاؤوا من المعاصي، لكنهم علموا أن المغفرة منوطة بتحقيق الشروط؛ لذا كانوا -رضي الله عنهم- من أشد الناس حذرًا وخوفًا.

فالله سبحانه وتعالى سيوفقهم للطاعة والعبادة،  والكف عن اجتناب السيئات ويعينهم عليها؛ بحيث إنهم إذا أذنبوا ذنبا بادروا فورا بالتوبة النصوح الماحية، فيأتون بأسباب المغفرة التي يستوجبونها بها، 

والله أعلم