حياة الرسول -صلى الله عليه وسلم- كلها مواقف مهمّة، لا تستطيع أن نستثني منها شيئاً، فمن أوّل يوم قابله جبريل بدأت حياة الرسول -صلى الله عليه وسلم- تملأ صفحات التاريخ بالمواقف العظيمة، وبدأ التاريخ يؤرِّخ لشيءٍ مُختلف عن المعهود.
- نزول الوحي عليه وبدء الرسالة
إن من أهم الأيام التي مرّت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم لاقاه جبريل، في المرة الأولى، وهو في غارِ حراء، حيث غيّر هذا الموقف حياته إلى الأبد، فأصبح حينها نبياً رسولاً، وكان هذا الموقف شديداً عليه، كما روى البخاري في صحيحه، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَرْجُفُ فُؤَادُهُ، فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- فَقَالَ: زَمِّلُونِي، زَمِّلُونِي، فَزَمَّلُوهُ، حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، فَقَالَ لِخَدِيجَةَ، وَأَخْبَرَهَا الخَبَرَ: لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي).
لقد سجّل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كثيراً من المواقف، منها حادثة الإسراء والمعراج، حيث أعرج الله -تعالى- به إلى السماء، وصلّى بالأنبياء إماماً، ونزل ومعه الصلوات الخمس، فآمن به الصديقون؛ كأبي بكر، وازداد الكافرون بهذه الحادثة كُفراناً وجحوداً، قال الله -تعالى-: (سُبحانَ الَّذي أَسرى بِعَبدِهِ لَيلًا مِنَ المَسجِدِ الحَرامِ إِلَى المَسجِدِ الأَقصَى الَّذي بارَكنا حَولَهُ لِنُرِيَهُ مِن آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّميعُ البَصيرُ). "سورة الإسراء:1"
أخرج البخاري عن عائشة -رضي الله عنها- أنها سألت النبي -صلى الله عليه وسلم-: (هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ، قَالَ: لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ، وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ العَقَبَةِ، إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ، فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلَّا وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ).
ويمكن أن نستدلّ بهذا الحديث على أن يوم أُحد كان من أشد الأيام عليه؛ لأن عائشة لمّا سألته ذكرت شدة هذا اليوم، ولم يُنكر عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإنما أقرّها بأنه من أشدّ الأيام عليه، وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- يقول: (لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ كُسِرَتْ رَبَاعِيَةُ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَشُجَّ فِي وَجْهِهِ، قَالَ: فَجَعَلَ الدَّمُ يَسِيلُ عَلَى وَجْهِهِ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ، وَيَقُولُ: كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ خَضَبُوا وَجْهَ نَبِيِّهِمْ بِالدَّمِ وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللهِ). "أخرجه أحمد، صحيح"
- أحداث رحلة الهجرة إلى المدينة المنورة
من أكثر المواقف أهمية وبطولة في حياة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الهجرة، وما جرى فيها من الأحداث، ابتداءً من التجهيز للهجرة، وموقف آل أبي بكر معه، وموقف علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- في تلك الحادثة، وما جرى مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- في هذه الرحلة من المعجزات الدالّة على صدق نبوته.
من أهم الأحداث في حياته يوم مولده، ويوم مماته، وأيام غزواته، ونزول الوحي عليه بالقرآن، ومرور رمضان وصيامه وقيامه، وليلة القدر فيه، وزواجه من خديجة وعائشة، وغيرهما من النساء، ودخول الناس في دينه أفواجاً، أو تكذيبهم له، كل ذلك معدود في حياته -صلى الله عليه وسلم-.