أعتقد أننا جميعًا مررنا بطفل صغير يرسل لأخيه حديث الولادة نظرات لا تحمل خلفها أي نية حسنة، وأخرين يبكون عند مقابلتهم لفرد عائلتهم الجديد لأول مرة. وأول ما يخطر بأذهاننا عند تعرضنا لمثل هذه المواقف "نعم، أنها
الغيرة"، فالغيرة هي العاطفة التي لا تميز بين صغير ولا كبير؛ فهي مزيج من
حب التملك و
الشعور بالغضب نحو الأخرين. ولا تقتصر الغيرة على الإخوة فقط، فمن الممكن رؤية شبح الغيرة في بيئة العمل وبين الزوجين وحتى بين الأم وابنتها!
لكن ما
سبب شعور البعض بالغيرة التي تعمي بصيرتهم، وتجعلهم يؤذون غيرهم بالتشهير بهم أو تخريب أعمالهم ومحاولة كفْهم عن التقدم، أو حتى السماح لشك وانعدام الثقة بالتسرب في علاقتهم؟
1 – المقارنة
وهو أ
كثر الأسباب شيوعًا بين الأفراد؛ إذ يقوم الوالدين بالمقارنة بينهم وبين إخوانهم أو أقرانهم، أو يقارن المدير الموظف المميز ببقية الموظفين، أو يقارن الشخص نفسه بالذين من حوله. مما يؤدي إلى
الشعور بالدونية وقلة الثقة بالنفس، يتبعها الشعور بالألم والضيق عند رؤية نجاحات من حوله، ثم محاولة الانتقاص من قيمة الشخص المتميز وتشويه سمعته والتقليل من أهمية أفكاره ونجاحاته، ومحاولة تحجيمه. لكي يشعر-كما يعتقد الغيور- براحة البال والسكينة.
2 – قلة تقدير الذات والشعور بالنقص
إذ أن قلة تقدير الذات والشعور بالنقص تجعل الشخص معرضًا للشعور بالغيرة والحسد؛ كونه يظن أنه
لا يمتلك من الصفات ما يميزه ويجعله مختلفًا عن غيره، أو شعوره بعدم قدرته على الإنجاز بالكم الذي ينجزوه. فقلة تقدير الذات شعور يقتل روح الإنسان ووَسم التميز الذي بداخله، ويجعل كل تركيزه على حياة الأخرين وخطواتهم، فيُسرق وقته وتضيع حياته غارقًا ببحر الكراهية، تائهًا بين القيل والقال.
3 –الشعور بالتملك
إن التملك من الأنماط السائدة في
العلاقات التي تتسم بسمّيتها أو في
علاقة الطفل بوالديه -خاصةً أمه-؛ ولا يعتبر الأطباء النفسيين التملك في
المراحل المبكرة للطفولة من الأمور الداعية للقلق؛ فالأطفال يرغبون بتملك والديهم والاستحواذ على حنانهم لأنفسهم، فيجب الانتباه للأطفال وإعطاؤهم القدر الكافي من الاهتمام لتجنب تطور الأمر لسلوك عدواني.
المشكلة الحقيقة تكمن
بالتملك الذي يشعر به البالغون اتجاه بعضهم البعض؛ إذ يريدون امتلاك أحبتهم لأنفسهم فقط، ولا يريدونهم أن يتفاعلوا مع بقية الناس أو أن يمتلكوا علاقات مع غيرهم. ذلك يشعر الطرف الأخر بالمحاصرة والاختناق، ويسمح لمشاعر الشك بالتغلغل بالعلاقة ويهدر الاستقرار بينهم.
4 – الاعتماد على الشريك والتعلق المَرضي
حيث يعتقد الشخص الغيور أن
لا يوجد بديل للشريك الذي هو معه حاليًا ويجب أن يحافظ عليه، أو يلازمه شعور الخوف بأن شريكه
سيتركه أو أنه
لا يحبه بما فيه الكفاية؛ مما يؤدي إلى
تعلقه به بشكل مبالغ به. ويقوم البعض بوضع سيناريوهات افتراضية عن ذلك، ينتج عنها المزيد من الغيرة والمشاعر السلبية.
يمكنك
معالجة الغيرة بالعديد من الأمور؛ أهمها العمل على رفع ثقتك بذاتك المميزة وتطويرها، والانشغال بتحسين جميع أركان حياتك، وتجنب الممارسات التي تولد الشك والغيرة، ومناقشة شريك حياتك بمشاكلك ومخاوفك -متجنبًا بذلك أسلوب اللوم العقيم- والعمل على إيجاد الحل سويًا.
للاستزادة من الموضوع، تابع
المراجع الاتية:
*
https://www.psychologytoday.com/us/blog/close-encounters/201410/whats-really-behind-jealousy-and-what-do-about-it
* https://altibbi.com/مقالات-طبية/الصحة-النفسية/الغيــرة-وتداعياتها-النفسية-والاجتماعية-780#:~:text=والغيرة هي انفعال مركب، يجمع,فقدان الدافعية للعمل أو النظرة