هل الكآبة والسلبية اختيار أم الظروف هي من تجعل الشخص كئيباً؟

يمكن القول إن الكآبة والسلبية ناتجة عن عوامل مشتركة تجمع بين الاختيار والظروف معًا، إذ إن الكآبة حالة نفسية تنتج لا إراديًا عن ظرف معين، بالإضافة إلى طريقة تفكير محددة يختارها الشخص نفسه، ويمكن أن أوضح لك كيف يمكن أن تكون الكآبة والسلبية اختيار من خلال العوامل التالية:

أولًا؛ طريقة التفكير:

وهذا العامل من أهم العوامل التي تساعد في ظهور السلبية والكآبة، إذ إن الإنسان يستطيع تطوير طريقة تفكير، إما تساعده على تجاوز الصعاب أو تكون سببًا في تطور الشعور بالألم النفسي واللوم وجلد الذات والعالم والآخرين.

على سبيل المثال، لو كنت في موقف وتعرضت فيه للفشل هنا طريقة التفكير اختيار إما الصبر والنظر للجوانب الإيجابية ووضع الحلول وممارسة مهارات حل المشكلات واتخاذ القرارات أو الشعور بالإحباط وعدم القدرة على إدارة مخاطر الحياة المحيطة.

من هنا يمكن القول إن طريقة التفكير خاصة في مرحلة الرشد هي اختيار، وبتالي ما يترتب عليها من أثر يعد اختيارًا أيضًا.

ثانيًا؛ الخبرة والمهارة وتحمل المسؤولية:

كثير مننا لا يدرك أن الحياة بكل ما فيها اختيار، وذلك من خلال تحمل مسؤولية الأمور التي نقوم بها.

وهنا يمكن أن يرتبط هذا العامل مع عامل طريقة التفكير بدرجة كبيرة، إذ إن الإنسان القادر على تحمل مسؤولية أحداث الحياة من حوله، ويقدّر ما له من حقوق وما عليه من واجبات، يستطيع بسهولة التفكير في خياره بالعيش بسلبية وكآبة مقابل الإيجابية والعيش بسعادة.

ومن ناحية أخرى، يمكن القول إن الخبرة وتجارب الحياة المتعددة تتسبب في اكتساب مهارة إدارة النفس والذات، فالشخص قليل الخبرة في مجالات الحياة ستكون ردود فعله وطريقة تفكيره محصورة في مساحة معينة، ما يعني اختياره لطريقة حياة واحدة دون تنوع واختلاف، وبالتالي زيادة نسبة السلبية والكآبة ضمن خيار شخصي لعدم خوضه التجارب اللازمة لبناء شخصية ذات درجات تحمل نفسي عالٍ.

العوامل التي تجعل الكآبة والسلبية ظاهرة نتيجة الظروف:

أولًا؛ العوامل الوراثية:

تشير الدراسات النفسية إلى أن وجود تاريخ مرضي لدى أحد أفراد العائلة من الدرجة الأولى (الأم، الأب) يتسبب في زيادة نسبة ظهور الكآبة أو السلبية لدى الأبناء، وهذا العامل ينتقل وراثيًا من الآباء والأمهات إلى الأبناء.

ثانيًا؛ العوامل الاجتماعية والبيئية:

هناك كثير من ظروف الحياة التي تزيد من شعور الشخص بالألم النفسي وتسبب الضغط الهائل عليه مع غياب طريقة تنظيم الذات والتعامل مع المشاعر النفسية، ومن أهم هذه العوامل:

المستوى الاجتماعي والاقتصادي؛ وهنا يعد وجود الشخص ضمن محيط مختلف عنه بطريقة لا يرغب بها سببًا في إجرائه المقارنات بينه وبين الآخرين، وشعوره بعدم العدل أو الدونية، ومع مرور الوقت، يصبح هذا العامل سببًا في الشعور بعدم الكفاءة وعدم القدرة على التفاعل مع المحيط والآخرين، وظهور الشعور بالسلبية والكآبة.

ومن ناحية أخرى، عدم القدرة على تلبية متطلبات الحياة، نظرًا لانعدام المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي المرغوب فيه، تعد سببًا في هذا الأمر، سواء كانت العوامل ناتجة عن بيئة حياة كاملة (موارد الدولة) أو (موارد أسرية)، وهنا يمكن القول إن الموارد الأسرية مؤقتة يمكن التعامل معها من خلال الاجتهاد والإصرار والصبر والإرادة والثقة بالنفس.

وأرى من وجهة نظر شخصية أن كل شخص مننا لديه قوة كامنة لمحاربة أي قوة سلبية، ويمتلك من الإيجابية والسعادة قدرًا كبيرًا، لكن الأمر يعتمد بدرجة كبيرة على نظرتنا لأنفسنا والعالم من حولنا، فكلما كنا قادرين على إيقاف تبرير السلبية، ابتعدنا عن الكآبة والسلبية أكثر.

وهنا يكمن السر؛ وهو أن تحمل المسؤولية الحقيقية يعد العلاج الأول للسلبية والكآبة.

لذا، مارس تحمل المسؤولية بدءً من هذه اللحظة، وانظر لنفسك ولحياتك بطريقة مختلفة، فأنت قادر على أن تكون إيجابيًا وسعيدًا.