بوجهة نظري أن اختيار العزلة ليس أمرًا جيدًا كما تعتقد، نحن نختار العزلة ولا نقصدها تمامًا، وإنما كل ما نقصده بقولنا نريد العزلة أن نبتعد عن شخص بعينه سبب لنا جرحًا، لا أن نبتعد عن كل شخص نعرفه، نحن نختار العزلة بهذا المفهوم هربًا من الألم أو الحزن، ظنًّا منا أن هذا هو العلاج لجراحنا.
على هذا فالعزلة بمفهومها الحقيقي الذي يتمثل في ابتعادنا عن كل شخص نعرفه أمر غير جيد بل وغير ممكن، أما العزلة بالمفهوم الذي نقصده ألا وهو الابتعاد عن شخص أو أشخاص بعينها تسببوا لنا في جرح، فهي أمر جيد على الرغم من كونها لن تعالج ما نشعر به.
والأن دعني أطرح عليك عدة أسئلة ستجعلك تحدد موقفك تجاه العزلة بشكل أفضل :
إذا نظرنا حولنا سنجد أننا محاطون شئنا أم أبينا بالكثير من الأشخاص، وتختلف قدرة كل واحد فينا عن استطاعته في إمكانية بقائه مفرده، أو وسط مجموعة صغيرة أو كبيرة من الناس وبالتالي فإن فكرة الاستطاعة متباينة وتختلف من واحد لآخر، لكن لنفترض أنها موجودة وأن باستطاعتنا الانعزال تمامًا عن الناس، هل هناك إمكانية لتحقيق ذلك بالفعل؟.
لا أعتقد ذلك، حتى وإن توفرت الاستطاعة لن تكون هناك الإمكانية للانعزال بصورة مطلقة عن البشر، وسنجد أنفسنا على الأقل محاطين بالحد الأدنى منهم ولنفترض رغمًا عن ذلك أن الاستطاعة والإمكانية توفرتا لدينا، فهل الانعزال سيحل مشكلة أو سيحسن شيئًا فينا؟ سيحسن شعورنا بالحزن أو سيرمم ما كسر فينا؟
أعتقد أن العزلة ستزيد من الشعور بالحزن، لأن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه يحتاج لأشخاص بجواره، وإلا لماذا خلق الله حواء لآدم؟.