الحديث صحيح: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة صاحب خمس: مدمن خمر ولا مؤمن بسحر، ولا قاطع رحم، ولا كاهن، ولا منّان) أخرجه أحمد وابن حبان وحسنه الألباني.
- أما ماذا يستفاد منه:
1- أن المال الذي يؤخذ عن طريق المكس فيعتبر من الكسب الحرام ولا يجوز للمسلم أن يأخذ أموال الناس ظلماً باسمه أو اسم الدولة - بحيث يأخذ منهم زيادة ظلماً دون مقابل- فهذا هو المكس المحرم شرعاً، بل هو من كبائر الذنوب.
-قال الله تعالى: (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [سورة البقرة: 188].
- وقال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [سورة التوبة: 34].
- وعن أبي حرة الرقاشي عن عمه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس) أخرجه البيهقي
- فعن بريدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في المرأة الغامدية التي زنت ثم تابت قال: "والذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له". أخرجه مسلم .
2- أن صاحب المكس إذا تاب توبة صادقة تاب الله عليه.
3- المقصود لا يدخل الجنة ابتداءً مع الداخلين، ولكنه يدخلها فيما بعد بعد توبته التوبة النصوحة الصادقة.
4- أن أخذ الأموال من الناس على شكل صدقات أو ضرائب أو غيرها هو من اختصاص الدولة والجهات الرسمية المختصة في هذا الشأن، ولا يجوز لأي شخص أن يقوم بهذا العمل إلا بإذن من الدولة.
5- أن حقوق الناس حقان حق معنوي وحق مادي: فالمعنوي يسقط بالمسامحة، أما الحق المادي فلا بد من تأديته وإعادة المال المسلوب من غير حق إلا أصحابه كالرشوة والمكس والاختلاس والسرقة وغيره.
- ومفهوم المكس: هو الضريبة التي تفرض على الناس، ويسمى آخذها (ماكس) أو (مكاس) أو (عشار) لأنه كان يأخذ عشر أموال الناس.
- ومن صور وأشكال المكس فقد ذكر العلماء عدة صور منها:
1- ما كان يفعله أهل الجاهلية، وهي دراهم كانت تؤخذ من البائع في الأسواق.
2- دراهم كان يأخذها عامل الزكاة لنفسه، بعد أن يأخذ الزكاة.
3- دراهم كانت تؤخذ من التجار إذا مروا، وكانوا يقدرونها على الأحمال أو الرؤوس ونحو ذلك، وهذا أقرب ما يكون شبها بالجمارك.
- والمكس محرم بإجماع العلماء: والمكس محرم بالإجماع، وقد نص بعض أهل العلم على أنه من كبائر الذنوب.
قال في "مطالب أولي النهى" (2/619) :
(يحرم تعشير أموال المسلمين -أي أخذ عشرها- والكلف -أي الضرائب- التي ضربها الملوك على الناس بغير طريق شرعي إجماعا. قال القاضي: لا يسوغ فيها اجتهاد)
- كما أن المكس يعتبر من الغش والاحتيال من مثل ما يقع من بعض السماسرة فيما يذهبون فيه من مذاهب التلبيس والتدليس؛ إذ يزينون للناس السلع الرديئة، والبضائع المزجاة، ويقولون لهم فيورطونهم، وكل من باع أو اشترى مستعينًا بإيهام الآخر ما لا حقيقة له ولا صحة، بحيث لو عرف الخفايا وانقلب وهمه علمًا لما باع أو لما اشترى، فهو آكل لماله بالباطل.
- فيجب على المسلم أن يحرص على أن يكون كسبه من المال المباح ومن عرق جبينه، لأن هذا المال سوف يحاسب عليه يوم القيامة وسوف يسأل عنه سؤالين: من أين اكتسبته؟ وفيما أنفقته.