هذا السؤال يذكّرنا بقول الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم مِن أنَّ أشد الناس بلاء الأنبياء فعن سعد بن أبي وقّاص رضي الله عنه قال:"قلتُ يا رسول الله أي الناس أشد بلاء قال: الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل..". وقد ابتلي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ابتلي الأنبياء الذين من قبله وأوذي في الله كما لم يؤذَ أحدٌ مثله فقد تعرّض مع من آمن به لأذى الكفار حتى أنهم كانوا يضعون الأذى على ظهره الشريف وهو ساجد بين يدي الله تعالى ويرمونه بالسحر والكذب وقد رموه بالحجارة حتى سال الدم من قدميه وشجّوا رأسه وكسروا رباعتيه صلوات ربي وسلامه عليه وكل هذا وهو صابر على أذاهم لا يدعو عليهم بل يدعو لهم بالهداية ويقول بحنانته المحمدية:"اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون". وقد حوصر هو وأهله وكل بني عبد المطلب لمدة ثلاث سنوات في حصار الشعب حتى لم يجدوا ما يأكلونه فكانوا يأكلون أوراق الشجر وقد ربط النبي صلى الله عليه وسلم على بطنه الحجر من شدة الجوع وماتت زوجته خديجة التي آوته وكانت نبع الحب والحنان له وكذلك مات عمّه أبو طالب الذي كان سندهُ ومات كل أولاده الذكور وماتت ابنته واستشهد عمه حمزة رضي الله عنه الذي كان من أحب الناس إليه وهكذا فقدَ عددا من أقرب وأحب الناس إليه ولا ننسى أنه نشأ يتيما فقد مات والده عبد الله وأمه آمنة حامل به ثم ماتت أمه وهو إبن ست سنين فتولتهُ عناية الله تعالى ثم في بداية دعوته خذلهُ قومه وتخلوا عنه وحاربوه وأخرجوه من موطنه مكة أحب بقاع الأرض إليه وقد تعرّضت زوجته الحبيبة عائشة رضي الله عنها التي هي أحبهم إليه إلى محنة شديدة فقد اتُهِمَت في عرضها وتألّم قلب النبي لما حدث في هذه الفتنة إلى أن برّأها الله تعالى من فوق سبع سماوات. وبعد كل هذه الإبتلاءات رفعه الله تعالى أعلى الدرجات ومنحهُ من المنح الإلهية والعطايا الربانية ما لم ينلهُ قبله ولا بعده أحد من البرية فهو حبيب الله وصفيهُ ومصطفاه عليه كل صلوات الله.