في ذلك حكم كثيرة منها:
1. دلالة على قوة إيمانه وسمو علاقته بربه لما يصبر على هذه الامتحانات والابتلاءات، فهذه الحياة قائمة على الابتلاء والاختبار، وظهور معدن الإنسان وقوة إيمانه بحاجة إلى قوة الامتحان وشدته:
عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال "قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً؟، قَالَ: (الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ، فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَمَا يَبْرَحُ البَلَاءُ بِالعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ" (رواه الترمذي).
2. رفعة درجات هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أكثر وأكثر، فكل حزن ابتلي به عليه الصلاة والسلام فإنه يرفعه عند ربه ويزيد في أجره.
فعن عبد الله قال "دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوعك فقلت يا رسول الله إنك لتوعك وعكا شديدا قال أجل إني أوعك كما يوعك رجلان منكم قلت ذلك أن لك أجرين قال أجل ذلك كذلك ما من مسلم يصيبه أذى شوكة فما فوقها إلا كفر الله بها سيئاته كما تحط الشجرة ورقها" (رواه البخاري).
3. أن يكون قدوة للناس بعده في الصبر على المصائب والابتلاءات وسلوة لهم في مصائبهم، فكل إنسان يصاب بأي مصيبة فإنه سيجد رسول الله قد ابتلي بما هو مثلها أو قريب منها، وفي هذا تسلية للنفس ومواساة لها أن خير خلق الله قد أصيب بما أصبت وصبر، فعليك بالصبر كما صبر الصالحون.
فمن ابتلي بفقد أحبته فرسول الله قدوته في الصبر على ذلك: لما فقد أباه قبل ولادته وأمه وهو في السادسة من عمره ثم زوجته خديجة ونصيره أبا طالب عمه وأولاده الثلاثة وثلاث من بناته الأربعة وبعض أحفاده وعمه حمزة وابن عمه جعفر وحبه زيد بن حارثة.
ومن ابتلي بالمرض فسيجد أن رسول الله ابتلي بالمرض وكان يمرض كألم رجلين منا.
ومن ابتلي بالسحر فقد تعرض رسول الله للسحر.
ومن ابتلي بقلة ذات اليد فقد كان رسول الله يعيش حياة المساكين لا توقد النار فيه بيته الشهر والشهرين، ويقتات غالب وقته على الماء والتمر.
ولو بحثت فستجد أنواعاً أخرى من البلاء في حياته عليه الصلاة والسلام، وفي هذا سلوة لكل محزون بالاقتداء بنبيه عليه السلام.
والله أعلم