ما هي اسباب الاكتئاب وكيفية التخلص منها ؟

لاكتئاب هي مجرد آثار جانبية لوعكة الروح وفقدانها الوظيفة التي كانت تؤديها لتشعر بتمام العافية والصحة النفسية.. وكلما زادت مساحة الوعكة تمكن الاكتئاب من صاحبه وتغلغل في جميع لحظات حياته..
معرفة العلة يؤدي الى القدرة على تشخيص الحالة ووضع روشتة علاج تحدد هوية الدواء المناسب.. وإذا تعاملنا مع الإنسان كمجموعة خلايا وأعصاب وإنزيمات وتناسينا الجانب الروحي عندها سيضع الطبيب النفسي وصفة علاج عبارة عن حبوب وربما حقن.. لتنشيط الخلايا العصبية وتفريغها منسوف العقد المرضية..
غير أن الاكتئاب لا علاقة له علاقة مباشرة بالجسد ولا بخلاياه أو إنزيماته التي أصبحت تسيطر على الإفرازات النفسية.. بل المسألة مرتبطة بالحالة الروحية.. إذ أن المسألة مجموعة ما نعتقده ونمارسه في حياتنا من تفكير وتعاطف وانفعال سلوكي يصنع بيئة صحية أو مرضية تزداد مساحتها مع الوقت ولا تظهر بوضوح إلا عندما تضعف قدراتنا على التحمل نتيجة استهلاكنا للمخزون الروحي دون تعويض.. مما يجعل كأسنا العاطفي والفكري والسلوكي هش لفراغه من الدعم الروحي المتجدد..
ولذلك عند التعرض للصدمات ينكشف مستوى هذا الضعف ويتدرج الانهيار حتى يصل لمرحلة الاكتئاب وملازمة الفراش أو مزاولة الحياة دون رغبة في التفاعل.. ولا حل لهذا المستوى من التردي المعنوي سوى التفكير في النهوض مجدداً وذلك عبر تجديد نظرته لربه ونفسه ومجتمعه.. ليدرك نقاط الضعف التي مكنت المرض.
1/ علاقته بربه
الاعتقاد هو مصدر الصحة والمرض.. لان العلاقة بين الروح وخالقها له برتوكول وشروط لاستمرار العلاقة وشروط عقابية ملزمة يفقد الفرد بسببها بعض المميزات التي يتمتع بها الإنسان نتيجة الحصانة الروحية التي تشبه درع الحماية الفولاذي الذي يجعل المبنى النفسي قوياً وقادر على تحمل الصدمات العصبية العالية الارتداد وتمنحه القدرة على التعامل مع المواقف الصعبة بكل هدوء وبساطة وبدون انفعال زائد..
هذا المستوى النفسي القوي يولد الإنسان به لكن إفرازات تفاعله مع البيئة المحيطة قد يخالف الشروط الموضوعية لصحة البناء النفسي وما يترتب عليه من تشكل لجدار الحماية حسب مقتضيات الالتزام بالأداء الأخلاقي في علاقتنا بالخالق.. إذ أن الإيمان بالله يقتضي طاعتنا له وخضوعنا لشرط العلاقة الأخلاقية التي تأسس عليها الإيمان.. فكلمة لا إله إلا الله تعني الانصياع الكامل لإله واحد هو الله وان لا يشاركه أحد في خصائص الألوهية والربوبية والحاكمية.. فهو الاله المعبود والرب الرازق والملك الآمر والناهي.. فاذا شككنا في قيمة واحدة من هذه القيم سيبدأ الجدار الناري في الضعف والانهيار.. ونصبح عرضة لفايروسات الضعف النفسي وهي أشكال متعددة من الأمراض التي سنكون عرضة للوقوع في مصيدتها.. 
2/ علاقته بنفسه
اعتقاد الفرد بربه هو الذي يحكم هذه العلاقة القائمة بين الفرد ونفسه.. وبالتالي لابد من أن يأخذ تصوره للحياة الخاصة والعامة من خالقه.. ليس هو الصانع المدرك لطبيعة الشيء الذي خلقه.. يكفي أنه لولا اتصافه بصفة العالم لما تمكن من إظهار هذا الأبداع الخلقي الذي لا يوجد من البشر من يدعي أنه شارك الله فيه.. وبالتالي علينا تصحيح اعتقادنا بالله حتى تتصحح نظرتنا لأنفسنا وللمجتمع من حولنا.
وعندما تتضح الصورة المجسدة لهذه العلاقة لن نقع في مطبات اعتقاد منطقي آخر يخالف ما ذهبنا إليهم سابقاً. وبالتالي لن نتعرض للازمات النفسية الحادة التي من شأنها أن تجعلنا نكتئب.