من أهم مظاهر مراعاة الإسلام لحقوق الإنسان ما يلي:
أولاً: أن الله تعالى خلق هذا الإنسان في أحسن صورة، قال الله سبحانه: ﴿ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾ سورة التغابن 1.
وقال الله تعالى: (ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) سورة التين 4
ثانياً: أن الله تعالى كرّم هذا الإنسان وأمر الملائكة بالسجود له (سجود تكريم وتشريف لا سجود طاعة وعبادة) فهذا الإنسان لا يستهان به، ولا يستضعف ولا يستغل ولا تمتهن شخصيته تحت أي ادعاء، وجاء ذلك صريحاً في قول الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾سورة الإسراء 70.
ثالثاً: أن الإسلام قد جعل ميزان وأساس التفاضل والمقياس بين الناس ليس العرق أو الجنس أو اللون أو البلد أو اللغة، إنما كان هو التقوى فقال تعالى: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)
رابعاً: ومن أهم حقوق الإنسان في الإسلام هو حق الحياة، وبالتالي حرم قتل النفس وقتل الآخرين وعده اعتداء على كل الناس وشرع القصاص، وجعل حفظ النفس مقصد من مقاصد التشريع الإسلامي والذي جاء الإسلام من أجله.
خامساً: ومن الحقوق التي كفلها الإسلام للإنسان حرية التدين، فكانت قاعدة دعوة الناس قوله تعالى: (لا إكراه في الدين) وحفظ الدين بالجهاد: (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله) كما حرم الردة وجعل عقوبة المرتد عن دينه القتل (من بدل دينه فاقتلوه).
سادساً: حق الحرية والكرامة والعيش بعزة وعدم الذلة والخضوع والخنوع لغير الله تعالى، وهذا الذي جعل الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما ضرب ابن عمرو بن العاص القبطي الذي سبقه، وقال له: أتسبق ابن الأكرمين؟! فلما حضرا عند أمير المؤمنين رضي الله عنه أمر عمر بت الخطاب القبطي أن يرد عليه ضربته وقال له قولته المشهورة "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارً"
سابعاً: ومن الحقوق التي كفلها وراعاها الإسلام حق المحافظة على العرض، فحرم الزنا والخلوة والاختلاط والقذف، وشجع على الزواج الشرعي ليكون الرابط بين الجنسين قائم على الشرع فقط.
ثامناً: حق التعليم: فجعل الإسلام طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة (حديث علموا أولادكم..)
تاسعاً: حق التملك: قال الله سبحانه وتعالى: (للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن) وحرم السرقة وأي نوع من التعدي على ملكية الآخرين.
عاشراً: الحق السياسي: أوجب النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحق الانتخاب من قبل النخبة القيادية والإصلاح.
الحادي عشر: حق العمل: حيث أوجب الإسلام العمل وعلى الدولة توفير فرص العمل (فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه)
الثاني عشر: أن الناس سواسية أمام تطبيق الشرع، فالناس جميعا سواسية أمام الشريعة: "لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى" من خطبة للنبي صلى الله عليه وسلم. ولا تمايز بين الأفراد في تطبيقها عليهم: "لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها" (رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي).
الثالث عشر: ومن مظاهر حقوق الإنسان في الإسلام أن الإنسان لا يؤخذ بجريرة غيره، وكل إنسان مستقل بمسئوليته عن أفعاله، ولا يجوز بحال أن تمتد المساءلة إلى ذويه من أهل وأقارب، أو أتباع وأصدقاء: ﴿ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ ﴾سورة يوسف 79.
- وعليه: ومن خلال ما سبق نلاحظ أن الإسلام قد سبق هيئات حقوق الإنسان الدولية التي تنادي صباح مساء بحقوق الإنسان، بل أن الإسلام راعى حق غير المسلم في بلاد الإسلام فعامل أهل الكتاب وغيرهم بمنتهى الإنسانية، فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يرى نصرانياً يسأل الناس فجعل له راتباً من بيت مال المسلمين.