ما هي الحلول المقترحة لمشكلة الزحف العمراني على الأراضي الخضراء

1 إجابات
profile/سندس-الفقيه-1
سندس الفقيه
هندسة معمارية
.
٢٨ أبريل ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
مشكلة الزحف العمراني مشكلة معاصرة، تتزايد مع الأيام، وإذا كنا نتحدث هنا عن الحلول المقترحة للحد من هذه المشكلة، فسيخطر على بالنا بدايةً الأسباب التي أدت إلى تفاقمها، ومنها الكثافة السكانية المتزايدة وازدياد التطور التكنولوجى والصناعة والتجارة والتوسع في شبكات الطرق والنقل والمواصلات.

ولابد أن سوء التخطيط العمراني والحضري واحد من أهم هذه الأسباب، إذ أن العمارة (كما أنظر إليها دائماً) يجب أن تكون في صالح الإنسان والأرض، وألا يستنزف شيء على حساب آخر. فهي في مفهومها الحقيقي تخاطب الإنسان وروحه وسلوكه ولا تعبث ببيئته ومصدر تنفسه ورزقه، وإنما تعمل بشكل متكامل لتحقيق نظامه الصحي المتكامل، وإلا تحولت إلى عشوائية متخبطة.

وقد وصف الزحف العمراني بأنه وحش إسمنتي ينهش الأراضي الزراعية ويأكلها بعشوائي، ضمن غياب الرقابة والقوانين التي تضبط الإيقاع.

وهنا فإن التجمعات السكنية والبناء الرأسي إحدى أهم الحلول التي تحد من الزحف العمراني غير المنتظم، فعند التوجه إلى التجمعات السكنية سيقل استهلاك الأراضي الزراعية مما يحفظ البيئة الخضراء التي تعد رئة الحياة وحيويتها.

وعندما نقول أن البناء الرأسي واحد من أهم الحلول التي تحد من مشكلة الزحف العمراني فلا نعني بذلك الكتل الإسمنتية الصماء التي ضررها أكبر من فائدتها، وإنما نعني تصميماً معمارياً رأسياً يضم بين أجنحته فناء داخلي يقوم بتخزين الهواء البارد ليلا لمواجهة الحرارة الشديدة نهارا في المناخ الحار الجاف يتوسطه نافورة مياه لترطيب الهواء والقدرة على التنفس بشكل صحي، والاهتمام بدمج حدائق الأسطح والملاجئ الأرضية والمناظر الطبيعية الواسعة حول المبنى.

فصارت الحاجة ملحة لإيجاد نماذج تصميم تقلل الآثار السلبية على بيئتنا بسبب البناء، من خلال إنشاء نماذج تحمي البيئة الطبيعية، ويتم تكييفها لتتكامل بشكل جيد مع البيئة الحالية من حيث المساحة والطاقة واستخدام المياه والموارد، والعمل على الاختيار المناسب للموقع من حيث الحفاظ على البيئة المحيطة وإعادة استخدام المواد المحلية الموجودة.

ومن الجهات التي يمكنها أن تسهم بشكل فعال في حل هذه المشكلة هي البلديات، وذلك من خلال عدم إعطاء رخص أبنية في المناطق الزراعية، وتفعيل الرقابة وزيادة الغرامات الناتجة عن أي مخالفة ناتجة من قبل الأفراد، ومنع تفتيت الأراضي الزراعية الذي ينتج عنه إفراز للأرض بمساحات لا تتعدى نصف الدونم مما يسمح بزيادة عدد المباني فيها.

فلا بد من وضع أسس وقوانين صارمة لحماية الأراضي الزراعية وتحديد استخدامها من خلال تفعيل قانون استعمالات الأراضي الذي يبن صفة استعمال الأرض.

عندما ينظر الإنسان حوله ويستذكر الأماكن حوله كيف كانت من سنين وكيف هي اليوم، يحن ويشتاق إلى ذاك الخضار والجمال، إلى مزارع الزيتون والكروم، والقمح والشعير، الذي يتمدد العمران ليزرع نفسه محلها، فيأكلها وينهيها.. وبين حنينه واشتياقه، يتبدل المشهد أمامه ليدرك أنه واقع في سلة إسمنتية صماء. 

وما نخشاه حقّاً في المستقبل إذا لم يتم تطبيق الحلول المقترحة، أن لا يبقى مساحة خضراء نتنفسها وليس فقط لا نزرع فيها!