عند تفسير قول الله تعالى: " ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون" سورة الأنبياء / 105، اختلف أهل التأويل في معنى كلمتين في هذا الموضع، وهما معنى الزبور، ومعنى الذكر.
فهناك من قال: أن الزبور يقصد به كتب الأنبياء كلها التي أنزلها عليهم الله، وقصد بالذكر: أم الكتاب التي عند الله في السماء.
وهناك من ذهب إلى أن المعنى المقصود الزبور: زبور داود عليه السلام، والمقصود بالذكر: توراة موسى عليه السلام.
والمقصود بالآية، أن الله سبحانه وتعالى أخبر في التوراة والزبور وسابق علمه قبل أن تكون السماوات والأرض، أن يورث أمة محمد صلى الله عليه وسلم الأرض ويدخلهم الجنة، وهم الصالحون.
وقيل إن الأرض، يقصد بها أرض الجنة. وبهذا يكون معنى الآية، أن الله يورث أرض الجنة لعباده الصالحين، ودليل ذلك قول الله تعالى: " وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين" سورة مريم / 39.
وقول آخر ذهب إلى أن الأرض يقصد بها أرض العدو، يورثها الله للمؤمنين في الدنيا، ودليل ذلك قول الله تعالى" وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضاً لم تطئوها وكان الله على كل شيء قدير" سورة الأحزاب / 27.
وقد ورد في تفسير الماوردي، أن الزبور المقصود به الكتب التي أنزلها الله تعالى على أنبيائه، والذكر أم الكتاب الذي عنده في السماء، وقول آخر: أن الزبور من الكتب التي أنزلها الله تعالى على من بعد موسى من أنبيائه.
وتأويل قول الله تعالى: " أن الأرض يرثها عبادي الصالحون" ذهب على ثلاثة أقوال، الأول: أنها أرض الجنة يرثها أهل الطاعة، والثاني: أنها الأرض المقدسة يرثها بنو إسرائيل، والثالث: أنها أرض الدنيا، والذي يرثها أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
وهذا الجزء من سورة الأنبياء، يعرض بسياقه مشداً للساعة وأشراطها، يتبين فيه مصير المشركين، ومصير الشركاء ويتفرد الله ذو الجلال بالتصريف فيه والتدبير.
المصادر
تفسير القرطبي
تفسير البغوي
التفسير الكبير
أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن
في ظلال القرآن
إسلام ويب