هل كلمة إنجيل كلمة عربية وما هي اللغة الأصلية التي نزل بها الإنجيل

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
٠٨ مايو ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
الإنجيل: هو كتاب الله تعالى المنزَّل على نبيّه عيسى عليه السلام، وهي كلمة يونانيّة ومعناها البشارة.

- أما اللغة الأصلية التي نزل بها الإنجيل هي العبرانية، وهذا ما ذهب إليه ابن تيمية وابن القيم إلى أنه لم يتكلم بغير العبرانية، فقال ابن تيمية في " الجواب الصحيح " (3 / 75):
" والمسيح كان عبرانيا لم يتكلم بغير العبرانية "
وقال في (1 / 90): " ومن قال إن لسان المسيح كان سريانيّاً (أي آراميّاً) أو روميّاً: فقد غلط "

-وهناك اختلاف هل التوراة نزلت بالعبرية ونزل الإنجيل بالسريانية.
وأن الأنبياء كانوا يرسلون بلغة أقوامهم. قال الله تعالى: "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ" {سورة إبراهيم: 4} والظاهر أنهم كانوا يتكلمون بالعبرانية أو السريانية، فيحتمل نزول الإنجيل بإحداهما.

- ويذكر المؤرخون أن فلسطين زمن بعثة عيسى عليه السلام كانت بمثابة لوحة فسيفسائية، وأن سكانها كانوا خليطا من كل أمة ولسان، وكانوا يتكلمون بدرجات متفاوتة: العبرانية، والآرامية بلهجاتها، والإغريقية، واللاتينية.

ولكن الاختلاف يقوم بينهم حين يسعون إلى تلمس الحدود الجغرافية لكل واحدة من تلك اللغات، وحين يريدون حصر الخصائص المميزة لتلك اللغات، وتحديد نسبة تأثر بعضها ببعض،
ونحن حين نقرأ سيرة عيسى في الأناجيل الأربعة نجده يخاطب فئات مختلفة من الناس:
فقد خاطب عامة الناس من مختلف المدائن والبوادي، وخاطب أعضاء المجلس الأعلى، ومعلمي الشريعة، والقائمين على تسيير الهيكل وإدارة الشؤون الدينية اليهودية، كما خاطب الحاكم الروماني لفلسطين وكانت لغته اللاتينية.

وفي كلمات المسيح المنسوبة إليه في الإنجيل كلمات آرامية:
" إيلي لما شبقتني؟! أي إلهي لماذا تركتني؟! (إنجيل متى 27 / 46).
" وأمسك بيد الصبية وقال لها: " طليثا، قومي! " الذي تفسيره: يا صبية، لك أقول: قومي! (إنجيل مرقص 5 / 41).
وفيه كلمات عبرية:
" قال لها يسوع: " يا مريم " فالتفتت تلك وقالت له: " رَبُّونِي "، الذي تفسيره: يا معلم " (إنجيل يوحنا 20 / 17).
" وكان يخاطب ويباحث اليونانيين " (أعمال الرسل 9 / 29) وظاهره أن المباحثة كانت بلغتهم، ولاختلاف هذه الشواهد كان الخلاف شديدا بين العلماء والباحثين في تحديد لغة المسيح عليه السلام.

- وقيل أن أغلب حديث عيسى عليه السلام كان باللغة الآرامية، وهي اللغة الشعبية التي كانت شائعة أكثر من غيرها، ثم يتلوه حديثه باللغة العبرانية لغة العهد القديم، كما يبدو أنه كان مثقفا باللاتينية والإغريقية ".

- والإيمان بالكتب السماوية ركن من أركان الإيمان الستة، ونحن المسلمين نؤمن بجميع الكتب السماوية وبجميع الأنبياء والرسل ولا نفرق بين أحد منهم، قال الله تعالى: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) سورة البقرة (285)

- وقال سبحانه وتعالى: (وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِين) سورة المائدة/46.

- يقول الشيخ أحمد ديدات – رحمه الله -:
"فنحن نؤمن بإخلاص بأن كل ما كان يقوله عيسى عليه السلام كان وحياً من الله، وبأنه هو الإنجيل والبشارة إلى بني إسرائيل، وخلال حياته لم يكتب عيسى كلمة واحدة، كما أنه لم يأمر أحداً بالكتابة"

-ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -:
وأما الإنجيل الذي بأيديهم فهم معترفون بأنه لم يكتبه المسيح عليه السلام، ولا أملاه على من كتبه، وإنما أملوه بعد رفع المسيح." الجواب الصحيح " (1 / 491).

-وروى ابن حبان من حديث إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى الغساني، قال: حدَّثنا أبي، عن جدّي، عن أبي إدريس الخولاني، عَنْ أبِي ذَرٍّ قَالَ:" دخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإذَا رَسُولُ الله- صلى الله عليه وسلم- جَالِسٌ وَحْدَهُ قلْتُ: يَا رَسُولَ الله! كَمْ كِتَاباً أنْزَلَهُ الله؟

قَالَ: مِئَةُ كِتَابٍ، وَأَرْبَعَةُ كُتُبٍ: أُنْزِلَ عَلَى شِيثَ خمسين صَحِيفَةً، وَأُنْزِلَ عَلَى أخْنُوخَ ثلاثين صَحِيفَةً، وَأُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ عَشْرُ صَحَائِفَ، وَأُنْزِلَ عَلَى مُوسَى قَبْلَ التَّوْرَاةِ عَشْرُ صَحَائِفَ، وَأُنْزِلَ التَّوْرَاةُ وَالإنْجِيلُ وَالزَّبُورُ وَالْفُرْقَانُ... رواه ابن حبان في صحيحه "الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان"

- وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الجواب الصحيح (3/21):

(وأما الأناجيل التي بأيدي النصارى فهي أربعة أناجيل: إنجيل متى ولوقا ومرقس ويوحنا، وهم متفقون على أن لوقا ومرقس لم يريا المسيح، وإنما رآه متى ويوحنا وأن هذه المقالات الأربعة التي يسمونها الإنجيل، وقد يسمون كل واحد منها إنجيلا، إنما كتبها هؤلاء بعد أن رفع المسيح؛ فلم يذكروا فيها أنها كلام الله ولا أن المسيح بلغها عن الله بل نقلوا فيها أشياء من كلام المسيح وأشياء من أفعاله ومعجزاته)

ويقول: وأما النصارى فلا خلاف بين أحد منهم ولا من غيرهم في أنه لم يؤمن بالمسيح في حياته إلا مائة وعشرون رجلا فقط....، وأن كل من آمن به فإنهم كانوا مستترين مخافين في حياته وبعده، يدعون إلى دينه سرا ولا يكشف أحد منهم وجهه إلى الدعاء إلى ملته، ولا يظهر دينه، وكل من ظفر به منهم قتل....

وعليه: فالإنجيل كلمة يونانية وأصلها البشارة، واللغة التي نزل بها هي العبرانية أو السريانية وقيل العربية، والله تعالى أعلم .

- ولكن الإنجيل كغيره من الكتب السماوية السابقة قد تم تحريفه لقوله تعالى: (يحرفون الكلم عن مواضعه).