قال الله تعالى: (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ) سورة آل عمران (3)
- والمقصود من الاية الكريمة أن الله تعالى الذي أنزل الكتاب ( القرآن الكريم ) هو وحده الذي أنزل (التوراة والإنجيل) أي أن مصدر الكتب السماوية هو الله تعالى.
- والفرق بين كلمتي نزّل وأنزل :
1- أن المقصود بكلمة ( نزّل ) أي نزله مفرقاً على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم مدة ثلاثة وعشرين عاماً.
بينما المقصود بكلمة ( أنزل ) أي أن الله أنزل التوراة والإنجيل دفعة واحدة.
2- وحيث أن القرآن الكريم قد نزل في الدعوة منجما شيئا بعد شئ، فلذلك قال " نزل " والتنزيل :كان على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مرة بعد مرة.
-بينما التوراة والإنجيل : نزلت جملة واحدة وقد نزلا دفعة واحدة فلذلك قال " أنزل.
3- وقد بين بعض الفقهاء والعلماء بأن القرآن الكريم قد نزل متفرقا لأنه نزل على أمة لا تقرأ ولا تكتب (أمية) فنزل مفرقا ليستطيعوا حفظه وفهمه بشكل تدريجي على مراحل،
بينما أنزلت التوراة: مكتوبة دفعة كاملة على قوم يقرؤون في وقت واحد.
4 - وقد نزلت التوراة على سيدنا موسى بعد أن أهلك الله تعالى فرعون وقومه، وأنجى بني إسرائيل منه فأنزلها الله في وقت واحد، كما قال الله تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) سورة القصص: 43}
- فالقرآن الكريم نزل مفرقاً لعدة حكم وأسباب منها :
1- تسلية ومواساة وتثبيتاً لفؤاد النبي صلى الله عليه وسلم : فقد تعرض النبي صلى الله عليه وسلم لكثير من الصد والإعراض والأذى من قريش بل من أقرب الناس إليه عشيرته وأهله وعمه أبا لهب ، فكان نزول القرآن مفرقاً مواساةً للنبي صلى الله عليه وسلم وتثبيتاً له على دعوته.
2- من أجل تعلم القرآن الكريم من قبل الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وفهمه وحفظه وتطبيقه على أرض الواقع كمنج حياة .
3- من أجل التحدي والإعجاز: فنزوله مفرقاً هو مبالغة في تحدي قريش وغيرهم بأن يأتوا بمثله، وقد تحداهم الله تعالى بثلاث مراحل:
- المرحلة الأولى : تحداهم الله تعالى بأن يأتوا بقرآناً كاملاً مثله : قال تعالى : (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا) سورة الإسراء (88)
- المرحلة الثانية: تحداهم الله تعالى بأن يأتوا بعشر سور مفتريات: قال الله تعالى : ( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) سورة هود (13)
- المرحلة الثالثة: تحداهم الله تعالى بأن يأتوا بسورة واحدة فقط : قال تعالى (وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) سورة البقرة (23)
4- التدرج في التشريع ومعالجة الحوادث والمواقف التي كانت تحصل مع النبي صلى الله عليه وصحابته.
- ومن أمثلة التدرج في التشريع /تحريم الخمر:
- في البداية : بيّن الله لهم أن في الخمر منافع ومضار ولكن إثمه أكثر من نفعه .
- وفي المرة الرحلة الثانية : بيّن لهم أن لا يقربوا الصلاة وهم سكارى .
- وفي المرحلة الثالثة : بيّن الله تعالى لهم أن الخمر والميسر رجس من عمل الشيطان وأمرهم باجتنابه بالكلية فاجتنبوه.