لقب الصوفية اشتهر في القرن الثالث الهجري على طائفة من أهل الزهد والعبادة وبعضهم من أهل العلم ، ممن اعتنوا وركزوا على قضايا الزهد والتوبة والورع وأعمال القلوب والانقطاع عن الخلق والتوجه إلى الخالق .
وقد بدأوا كأفراد متفرقين هنا وهناك ثم تآلفوا ثم سار لهم طريقة وآداب وطرق خاصة في العبادة والتزهد ، ثم انقسموا إلى فرق وطرق شتى .
واختلف العلماء والمؤرخون وأهل اللغة في الأصل الذي يرجع إليه تسمية الصوفية بهذا الاسم وقد ذكروا في ذلك أقوال منها :
1. أن اسم الصوفية مأخوذ في الأصل من " الصفة " هو المكان الذي كان ملحق بمسجد النبي عليه السلام يأوي إليه فقراء المسلمين من المهاجرين وغيرهم ممن لم يكونوا يجدوا بيوتا تؤويهم ، والصوفية يحبون هذه النسبة ويسمون أنفسهم الفقراء .
2. وقيل أنها مأخوذة في الأصل من الصوف ، الذي هو برأي كثير منهم علامة على الزهد والتجرد من الدنيا وشهواتها ، وهو لباس الفقراء بخلاف لباس الأغنياء ، لذلك كان كثير منهم يفضل لباس الصوف على غيره اعتقادا منهم أنه أحب إلى الله وأظهر في الزهد والورع ، وأنه مسنون مستحب .
3. وقيل أن اصل كلمة الصوفية هو كلمة " سوفيا" اليونانية والتي تعني الحكمة ، ففيه نسة أصحاب هذا الطريق إلى الحكمة ، وممن قال بهذا الرأي البيروني حيث قال في كتابه " تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة " :
" ومنهم من كان يرى الوجود الحقيقي للعلة الأولى فقط، لاستغنائها بذاتها فيه، وحاجة غيرها إليها، وأن ما هو مفتقر في الوجود إلى غيره، فوجوده كالخيال غير حق، والحق هو الواحد الأول فقط.
وهذا رأي (السوفية) وهم الحكماء، فإن (سوف) باليونانية الحكمة، وبها سمي الفيلسوف (بيلاسوبا)، أي محب الحكمة.
ولما ذهب في الإسلام قوم إلى قريب من رأيهم، سموا باسمهم، ولم يعرف اللقب بعضهم فنسبهم للتوكل إلى (الصفة)، وأنهم أصحابها في عصر النبي صلى الله عليه وسلم، ثم صُحّف بعد ذلك، فصُيّر من صوف التيوس".
وهذه الأقوال الثلاث هي أشهر الأقوال في أصل كلمة " الصوفية " ، وهناك أقوال أخرى منها :
1. أنها من الصفاء .
2. الصف الأول ، باعتبار أن أصحاب هذه الطريقة هم الصف الأول والطبقة الأولى من المؤمنين .
والله أعلم
92 مشاهدة
