لربما أصبحت القصص القصيرة هي النوع الذي يناسب هذا العصر بشدة، لا لشيء سوى أنها "قصيرة". إضافة إلى بضع مميزاتٍ أخرى، فقد تمكنت من جذب الكثير من القرّاء الذين استعاضوا بها عن الروايات والمسرحيات الطويلة.
إحدى ميزات هذه القصص وأكثرها أهمية كما أسلفنا، هي أنها لا تأخذ وقتًا طويلًا في عصر الإنشغال خاصتنا، إذ تكفي ساعات قليلة -إن لم تكن أقل- حتى تنتهي منها. فمشكلة أننا لا نملك الوقت استطاعت أن تحلها هذه القصص. إذ يلجأ إليها أصحاب الوظائف التي تستلزم وقتًا طويلًا كنهارٍ كامل، فيكسرون سياق هذا التعب والإنشغال بقصة قصيرة ممتعة، يقولون بعدها: "لقد قرأت كتابًا!!".
إن القصص القصيرة أيضًا هي الخيار الأمثل لأولئك الذين يشعرون بالملل سريعًا. تراهم يحاولون قراءة الأعمال الأدبية لكنهم لا يستطيعون إنهاءها فيصيبهم الإحباط. لذا تجدهم يشعرون بسعادة كبيرة لدى قراءتهم لهذه القصص بسبب قدرتهم على إنهاءها.
إلى جانب هذه السعادة التي تعتري القرّاء، فإنها أيضًا يمكنها أن تكون حافزًا يشجع على قراءة المزيد، أو تجربة أنواع قصص أخرى، أو حتى يمكنها أن تكون "عيّنات" قراءة لمؤلفين جدد حتى نستطيع تحديد ما إن أردنا أن نستمر بالقراءة لهذا الكاتب مثلًا.
أما بالنسبة للقرّاء المنتظمين، فإن القصص القصيرة يمكنها أن تكون وسيلة للمحافظة على القراءة اليومية. وبهذا نحافظ على نشاط الدماغ وعلى الإثراء اللغوي باستمرار. أو حتى أنها يمكن أن تكون كاستراحات بين رواية ورواية أخرى. شكل من أشكال التغيير اللطيف حتى.
من الضروري ذكر أن القصة القصيرة لا تقل قيمة عن الرواية. فهي تحمل العِبر المهمة بطريقة بسيطة وغالبًا ما تكون أكثر وضوحًا. تقول الأسطورة أن إرنست همنغواي، أستاذ الكتابة المختصرة، ربح رهانًا عن طريق كتابة قصة قصيرة من ست كلمات لم تخلوا من المشاعر والمعاني العميقة، حيث كتب:
للبيع: حذاء طفل. لم يرتديه أبدًا.