أؤكد لك أن المقلوبة قد كان لها حظ بالسفر إلى جميع بلدان العالم؛ فمعارفي من العراق وبقية البلدان العربية الشقيقة يحبون المقلوبة ويطهونها في منازلهم، فمواقع التواصل الاجتماعي قد غزاها العديد من الأشخاص الذين يعرضون طريقة صنع طبق المقلوبة بطريقتهم الخاصة التي تناسب أذواق أبناء وطنهم.
بل إن المقلوبة من الثقافات التي يرجع الغربيون بها إلى بلدانهم؛ كهذا
المقطع الذي يقلب به رجل أمريكي المقلوبة لعائلته في الولايات المتحدة الأمريكية، وكما هو متوقع قد سحرتهم وأبهرتهم جميلتنا المقلوبة.
كما نعلم المقلوبة من الأكلات التراثية الفلسطينية، لكن هل كان اسمها المقلوبة منذ بداية صنعها؟، تزعم العديد من المصادر أن المقلوبة كان اسمها بالأصل "الباذنجانية" كون الباذنجان كان المكون الرئيس فيها، لكن عندما فتح صلاح الدين الأيوبي القدس هو وجنوده وقدم له المقدسيون طبق الباذنجانية وأعجبته، سألهم عن اسم ذلك الطبق الذي يقلب ليتم تقديمه، فأخذوا اسم المقلوبة من وصفه للطبق.
وتم هذا التغير من اسم باذنجانية إلى مقلوبة كونه من الأطباق التي تتعدد فيه أنواع المكونات من منطقة إلى أخرى وحسب الإمكانيات؛ فالبعض يضيف الباذنجان والبعض الآخر القرنبيط أو البطاطس، ويصلح طبخ المقلوبة بالدجاج واللحم والسمك. فغيروا الاسم للمقلوبة ليكون أكثر شمولًا ولأن العامل المشترك بين جميع الطرق المختلفة هو قلب الطبخة عند تقديمها.
والآن لندخل بالأمور الأهم؛ عظمة وعبقرية هذا الطبق!، فكل الخطوات والتفاصيل الدقيقة لصناعة المقلوبة تدل على أهميتها؛ فلا أحد يستعجل في صنعها أو في ترتيبها، فهي مثل لعبة المكعبات لكن للكبار، بل دائمًا ما أخبر أمي أن جميعنا نصبح مهندسين معماريين محترفين لهندسة وتصميم وترتيب هذه التحفة الفنية العريقة التي لا يكاد أحد منا يكتفي منها، فهي عند قلبها تشبه بترتيبها المسارح الرومانية التي تسرق الأنفاس.
بل وتجمع في ملعقة واحدة جميع المجموعات الغذائية؛ من الخضروات التي تمثل الباذنجان وما يشابهه، والأرز الذي يمثل الكربوهيدرات، والزيت المستخدم لقلي المكونات الذي يمثل الدهون، الدجاج أو اللحم أو السمك الذي يمثل البروتين، وبالنهاية للذين يستمتعون بتناولها برفقة اللبن الرائب (الزبادي / Yogurt) الذي يمثل مجموعة الألبان والحليب.
ويعود الفضل للتكنولوجيا الحديثة التي تمكنا من تناول المقلوبة بطريقة صحية أكثر؛ فوداعًا للأيام الأليمة التي تحرمنا فيها الحياة الصحية من محبوبتنا المقلوبة. فبقيامك باستبدال قلي المكونات بالزيت باستخدامك للمقلى الهوائية (Air fryer) أو قيامك بشواء هذه المكونات تجعل الطبخة صحية أكثر -مع أن لذتها الحقيقة تكمن بكونها غير صحية 😁-.