كيف أنظم وقتي بين المذاكرة وتثقيف الذات والنوم؟

2 إجابات
profile/مغيداء-التميمي
م.غيداء التميمي
مهندس مدني
.
١٣ أبريل ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
السر حقيقة يكمن في إدارة الوقت، وهو موضوع يمس كل الناس، وجميعها نعرف أهميته، رغم ذلك لا نقوم بإدارة وقتنا كما يجب، رغم أن إدارة الوقت ينظم حياتنا ووقتنا.

ليس علي أن أذكرك بأن الوقت من ذهب، وأن الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، لكن عندما ننوي فعلا أن ننظم وقتنا بين الدراسة والقراءة الخارجية من أجل التثقيف وبين النوم، تصيبنا حالة من الكسل، وكأننا لا نريد أن نفكر كثيرا، ولا أن نبذل المجهود الكافي.

ولقد ذكرني سؤالك بفيلم عربي كوميدي شاهدته سابقا، اسمه "ألف مبروك" من بطولة الممثل مصري الجنسية "أحمد حلمي"، حيث الشاب بطل الفيلم يصحو يوميا في نفس الموعد في الساعة العاشرة صباحا، ويموت في نهاية اليةم في تمام الساعة الثانية عشرة، ويمتلك وقتا محددا خلال اليوم، وتتكرر فيه الحوادث، فيرى نفس الأشخاص ونفس الأماكن ونفس الحياة، أي أنه يصحو مدة أربعة عشرة ساعة، وخلال هذا الإطار الزمني المحدود، يمكن أن يقوم الشخص بالأمور التي يود إنجازها، سواء كان أداؤه لعمله، أو لقاءالاصدقاء، أو الجلوس مع أفراد العائلة، أو قضاء الوقت مع شريك الحياة كالخطيبة أو الزوجة، أو الجيران أو غيرها، فلديك الكثير من الأمور التي يمكنك القيام بها خلال اليوم.

تخيل لو كنت أنت بطل الفيلم، وأيامك تعاد والحوادث فيها تتكرر، وتحاول في كل مرة القيام بأمور مختلفة، إلا أنك غير قادر على إنجاز الأمر الأكثر أهمية الذي كان يجب أن تفعله في ذلك الوقت المحدد.

فجأة في الفيلم يظهر لك شخصا يرتدي ملابس بيضاء ويناولك بوصلة سحرية، تدلك هذه البوصلة السحرية -كلما نظرت إليها- على الأمر الذي عليك إنجازه في الوقت الحالي. البوصلة السحرية الحقيقية وفي حياتك الواقعية هي تنظيمك لوقتك، وهي التي ستقودك إلى الوقت المناسب لإنجاز المهمات، سواء كانت في الدراسة أو القراءة أو القيام بالواجبات أو ممارسة الهوايات أو حتى النوم للراحة.

وكبداية سأطلعك على ما تعلمته من كتاب اسمه First things first للكاتب ستيفن كوهاي، والذي يشير إلى أن تنظيم الوقت هو عادة من أصل سبع عادات، تجعل منك شخصا أكثر فاعلية، فهي بمثابة وصفة سحرية، لو قمت بتطبيقها في حياتك، ستجدها أكثر تنظيما، وبدون بذل مجهور كبير، وتخلصك من الشعور بالندم لضياع الوقت دون إنجاز المهمات. الأمر ليس صعبا ولا معقدا، وكل ما أطلبه منك هو التركيز في الإجابة لدقائق والاستمرار في القراءة.

يقول ستيفن أن الإنسان سابقا كان قد استخدم ثلاثة طرق رئيسية لتظيم الوقت، وأطلق على هذه الطرق اسم " الأجيال الثلاثة" أي الأنواع الثلاثة، أو الأطوار الثلاثة كما يلي:

الجيل الأول لتنظيم الوقت : وهي استخدام المفكرة وقائمة المهمات To do list
، وأغلبنا استخدمها في أجهزتنا الخلوية أو على دفاترنا، فكنا نذكر أنفسنا بعمل أشياء معينة في تواريخ محددة، إلا أن هذه الطريقة لم تكن تضمن لنا الالتزام الحقيقي بالقيام بقائمة المهمات، رغم أنها طريقة تعطينا نوعا من الحرية في القيام بالمهمات بالوقت الذي يناسبنا خلال اليوم. كما أن هذه الطريقة لا تلقي اهتماما لجودة ما تقوم به من أعمال، فتنظيم الوقت لا يعني أن نقوم بأكبر قدر من الاعمال دون الانتباه إلى إتقان ما نفعله. إن تنظيم الوقت يعني أن تقوم بالأمر المناسب في التوقيت المناسب وبطريقة جيدة، وهو أمر لال تضمنه لنا طريقة المفكرة وقائمة المهمات.

الجيل الثاني لتظيم الوقت : يتمثل في استخدام الأجندة Calendar
، وهيي طريقة تعتمد على تقسيم اليوم الى ساعات، وفي الساعة المحددة تقوم بالقيام بعمل معين، ومثال عليها أن تحدد لك الأجندة أنك في يوم الثلاثاء ستقوم على سبيل المثال بالدراسة من الساعة السابعة وتنتهي من الدراسة في الساعة التاسعة، لتقوم بعدها بالقيام بأمر آخر من الساعة كذا إ‘لى الساعة كذا، وهكذا.
هي طريقة جميلة ومنظمة وأغلب الطلاب على مقاعد الدراسة يستخدمونها، إلا أن فشلها فشلا ذريعا، لأنك بمجرد تأخرك عن القيام بالعمل المحدد سابقا، ستجد أن الأمر اختلط عليك بسبب تداخل أوقات المهمات، فطريقة الأجندة ليست مرنة من ناحية إعطائك الوقت، لأن مجرد أن يطرأ على يومك من الامور الغير متوقعة أو الطارئة، لا تعد قادرا على إنجاز اعمالك في الإطار الزمني الذي كنت قد حددته مسبقا.

الجيل الثالث لتحديد الوقت هو تحديد الأهداف: وتكون بأن يقوم الشخص بتحديد أهداف طويلة المدى، وأهداف أخرى قصير المدى، فمثلا يحدد الشخص هدفا بعيد المدى، ويتبع خطة واضحة لتحقيق الهدف، فيقرر أنه عل سبيل المثال يريد أن يتخرج من الجامعة خلال سنتان، ويخصص أول سنة لدراسة المواد الأساسية، والسنة الثانية ستكون لدراسة المواد المتقدمة وإنجاز الأبحاث ومشاريع التخرج.
مشكلة هذا الطريقة في تنظيم الوقت هي أنها طريقة لا تكشف لنا جميع الأمور، فالحياة ليست مجرد أهداف نلهث وراءها لتحقيقها، فهناك بالطبع أمورا أخرى نريد القيام بها لا تقع ضمن خطة تحقيق الأهداف.

والآن، الطريقة السحرية التي أطلق عليها الكاتب ستيفن كوهاي الجيل الرابع أو طريقة البوصلة السحرية، فالبوصلة ستنقلنا من طربقة التفكير بأننا نحاول تنسيق وقتنا، إلى فكرة أننا نقود الوقت الذي نمتلكه.
البوصلة السحرية تدلنا على أمرين، اتجاه الشمال والذي يتمثل في إخبارنا إلى أين نذهب، والأمر الآخر هو مكان وجودا الحالي.

اتجاه الشمال يحدد الامور التالية:
اولا: من أنت، وما هي أهدافك وأحلامك وما هو دورك في حياتك ومجتمعك وبين أصدقائك وما هي رؤيتك 
ثانيا: التعهد باستخدام ضميرك الذي سيخبرك بأن العمل الذي تقوم به ان كان أمرا جيدا أم لا
ثالثا: التعهد باستخدام إرادتك الحرة وأنك ستبذل كل جهدك للوصول الى ما تريد، وستضحي من أجلها
رابعا: التخيل، فأنت يجب أن تتخيل نفسك كيف سيكون أمرك وحياتك بعد أن تصل إلى هدفك الذي حددته في الرؤية التي بنيتها.

هي أمور أربعة، أكتبها على ورقة أو على لوح، و قم بتذكير نفسك باتجاه الشمال الخاص بك، وقد تجد الأمر صعبا في البداية، إلا أنه وبمرور الوقت ستعتاد عليه وتصبح جزءا من طريقتك في التفكير في كل ما يخص إدارتك لوقتك وتوزيعه بين الدراسة والقراءة والنوم وغيرها من الأمور التي تود القيام بها، سواء كانت أمورا مهمة وعاجلة ويجب القيام بها في حينها، أو كانت أمورا غير عاجلة ونود إنجازها في وقت قريب أو بعيد.

 من الجميل أن تكون المطالعة أو تثقيف الذات هوايك وتحافظ عليها رغم انشغالك بكونك طالب. لأنها تقوي قدرات دماغك واستيعابك وتعطيك معارف بشتى المواضيع التي تهمك؛ فأنا أشجع على فكرة أن الشخص لا يجب أن يحد الشخص معارفه فقط من الجامعة والمدرسة. قد يكون التعب أو ضيق الوقت أحد الأسباب لأن الطالب يستغرق معظمه بالمؤسسة التعليمة الملتحق بها وبالدراسة اليومية أو فترات الامتحانات وحياته ومتطلباتها من نوم وطعام وغيره. لكنك ومع كل هذه تستطيع إيجاد وقت لكل شيء إذا كنت عازما عليه لكن لدي بعض النصائح بهذه الخصوص.

* أهم نصيحة لابد من إدارة وقتك من المؤكد أن تنظيم الوقت هي الطريقة الأمثل لفعل ما لك وما عليك. قم بدراسة كيفتستغرق وقتك بالعادة ولاحظ الأمور التي تضيع وقتك عليها وخصوصاً الغير ضرورية أو الأقل أهمية من المطالعة. يمكنك عمل جدول لأيام الأسبوع بحيث تكون القراءة لها حق به كثلاث مرات أسبوعياً لمد ساعة أكثر أو أقل من ذلك حسب ازدحام المهام.

•يُمكنك تَخصيص العُطل الأُسبوعية للقراءة كنوع من الترفيه؛ فالقراءة ليست الأعمال الأُخرى من ناحية التعب الجسدي بل هي تميل للأُنس والراحة النفسية مثلها مثل النشاطات التي تقوم بها عادتاً بالعطل كاللعب ومشاهدة التلفاز فلا تقنع نفسك بفكرة أنها شيء مثل الدراسة وأنها ليست للتسلية والراحة.

♠أقرأ يومياً مثلا لمدة 20 دقيقة فلو كنت تقرأ فيها 15 الصفحة بنهاية كي شهر تكون قد أكملت كتاب من 450 صفحة. تخيل بآخر كل عام كم كتاب ستكون قد قرأت 12 كتاباً من 450 صفحة وأنت لم تلاحظ الوقت والجهد. تعلم تقدير الوقت بهذه الطريقة ولا تستهين بأقل قدر. يتطلب هنا الإلتزام منك وهذه درس آخر تعلمك إياه القراءة اليومية.

مراقبة نوعية الكتب غير نوعية المطالعة مثلاً بحال تتناسب مع الدراسة. بحال كنت من هواة الدراسة أو أن التخصص الذي تدرسه يأخذ جُل الوقت طيلة الأُسبوع فأرى أن اختيارك للكتب التي لها علاقة هي أولى من الروايات مثلاً للمطالعة فيوجد الكثير من الكتب الممتعة والمفيدة دائماً بشتى المواضيع وتبيقيك الاستفادة متعلقاً بالقراءة وأكثر إصراراً عليها. الفكرة هنا هي جعلها شيء بأولوية وضرورة.


تحميل الكتب بصيغة PDF بصيغة رقمية تسمح لك هذه التقنية من الاستفادة من جلوسك في المواصلات العامة بمطالعة الكتب على الهاتف بدلاً من تصفح الانترنت. كما أنك تستطيع كتابة ملاحظاتك على المفكرة الرقمية وأيضاً تفقد معاني الكلمات بشكل سريع بحال كنت
تقرأ بالإنجليزية.

 ♣يمكنك تثقيف نفسك بطرق غير القراءة. يمكنك مشاهدة الفيديوهات على الانترنت. يوجد على اليوتيوب فيديوهات لا تُعد لكثرتها لتثقيف الذات ويوجد العديد من صناع المحتوى المفيد بأنواعه، فأنا أتحدث عن الفيديوهات عديمة الجدوى. يوجد العديد من الأطباء والكتاب لديهم قنوات على اليوتيوب. أنصحك بمشاهدة أو تحميل فيديوهات قناة تد "TED" فالكثير من المثقفين والعلماء والشخصيات الناجحة يلقون خطاب مفيد وممتع ولا يتجاوز الفيديو 20 دقيقة. كما ذكرنا يمكنك استبدالها بالأمور التي تستزف وقتك كالهاتف أو أي شيء. التكنولوجيا والإنترنت لم تترك حجة الوقت على ما أعتقد.

أما النوم، فهي ضرورة للعيش من المؤكد لكن لا تتجاوز عدد الساعات اللازمة لها، فغالبية الدراسات تقول أن 8 ساعات هي حاجة الجسم للنوم. لا تتجاوزها وتنقص منها لأنها تضعف المناعة وضعف المناعة يؤدي للأمراض، فلا تأخذ من وقت العناية بالصحة، لأنك بحاجتها للقيام بالأعمال بوقتها.