كم كانت إجابة هذا السؤال عسيرةً عصيّة!
يمكن أن أكتب لك العديد من الأشياء التي أتمنى أن أحققها في العام الجديد. قد أبدو كشخصٍ مثالي، يخطط أجندة بطريقة منظمة، ويعّد نفسه إعدادًا عظيمًا بتكتيكات قابلة للتحقيق. لكن، لأكن على أرض الواقع لا عالم الخيال، فما سأكتبه من أهدافٍ تخطيطية هي فقط أمنيات قد تتحقق، وأكون قد أصبت قلب ما أصبو إليه. أو قد لا تتحقق لأنقلها لسنة أو سنوات لاحقة لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا.
سأكتب الآن قائمة بأمنياتي العشرة التي أود تحقيقها أو تحقيق أغلبها، وسأجعلها مرجع لي آخر عام 2021، لأتحقق هل أعددت نفسي بشكل وثيق لأستقبل وأُنهي العام الجديد؟ هل كنت على قدرٍ كافٍ من المسؤولية؟ هل استطعت أن أكون شخصًا قياديًا مخططًا لحياته؟ كيف استطعت التغلب على العثرات، وقهر المعيقات عند معالجتي لأمنياتي؟
لنبدأ:
1. أودّ العودة أكثر إلى نفسي القديمة، التي تعشق القراءة، وتهيم بالكتب عشقًا. نفسي التي تلاصقت مع معلّقات الشعر الجاهلي، وتشاركت مع أحداث التاريخ، التي تبادلت أطراف الحديث والمناظرات في سوق عكاظ، وتماهت مع مع رائحة الورق القديم، والصفحات الصفراء والبيضاء المُعتّقة.
2. أودّ أن أجد عملًا يتماشى مع الخبرة التي اكتسبتها على مرّ السنين. فقد مر عام الوباء وبالًا على الجميع، وكنت ممن فقدوا بوصلتهم بالرغم من المحاولات العديدة التي قمت بها للحصول على وظيفة جديدة، لكن دون التنازل كثيرًا عن المعطيات التي تسلقت الصعاب لأحققها. لذا سأعاود المحاولة مرارًا وتكرارًا، والبحث بلا كللٍ أو ملل، ففي النهاية ما كان لك سيأتيك، رغم ضعفك. وما ليس لك لن تأخذه رغم قوتك.
3. أودّ التقرب أكثر من الله، حيث أبقى أحث الخطوات لمن هو أقرب إلى نفسي من حبل الوريد. أناجي الله بقولي: يا رب، يا حبيبي، مُدني بالقوة والحكمة والعافية؛ أكون عند ظنك بي، فظني بك عظيم. أتمنى ان يزداد تعلقي بالطاعات، والاستغفار، والتسبيح، والدعاء. لعل عملًا قليله الدائم خيرٌ من كثيره الزائل.
4. أودّ أن أزداد علمًا! قد يظن البعض أن هذا نوع من الدجل الكلامي، لكنني بعد التجربة اكتشفت أن ما بلغت من العلم إلا قليلًا. تجربتي على "أُجيب" وسعّت آفاقي أكثر، إذ كنت أعتقد أنّني قد جمعت من العلم وفيرًا، لكن لم يكن الأمر كما ظننت. وجدت أنني كلما ازددت عمرًا، وجب أن استزيد معرفة.
5. أودّ استعادة نمط حياتي المبهج بالرياضة، الممتع بشرب الماء، المفعم بالحيوية والفكاهة، المميّز بالطعام الصحي والهواء الطلق.
6. أودّ العمل أكثر على صقل مهاراتي المهنيّة بالذات، فمع التطورات المتسارعة جيلًا بعد جيل، أجدني ألهث وأتسابق معها لكن لا أستطيع اللحاق بها، لربما بسبب التسويف أو الملل. يجب أن أكّف عن هذه التراهات، والبدء بخطى أكثر ثباتًا وإيضاحًا، وكفى لعبًا بالوقت.
7. أودّ أن يكون وقتي مع عائلتي وقتًا مميزًا أكثر مما سبق. أن نتبنى معًا عاداتٍ مشتركة. أن يكون حوارنا حوارًا أكثر حميمية وتفاعلًا. أن أكون أكثر هدوءًا وراحة بال، وتقبلًا لما يدور في محيطهم من أحداث وتتابعات. أن نؤسس معًا مجتمعًا مصغرًا من النقاشات الحوارية المبنيًة على أرضيةٍ علميّةٍ صلدة.
8. أتمنى أن اجد فرصةً مناسبةً للتطوع في منظمة ما أو جمعية خيرية في مبادرةٍ مميزة. فيما مضى قمت ببعض أمور التطوع البسيطة، لكن لم تصل لما أصبو إليه. حلمي أن تكون هذه المبادرة ذات أثرٍ لا يُنسى، ليس لسبب تطوعي فيها، بل لما ستقدّمه من إشراقاتٍ وإضاءاتٍ وتحسيناتٍ على عدة أطراف من المجتمع.
9. أودّ أن أزور مناطق جديدة في وطني. أن استكشف معالم لم يسبق لي رؤيتها. لقد لاحظت أن في الوطن ملامح تاريخية مخفية، وأماكن لم أعهدها في زياراتي الميدانية لطالباتي. أثار انتباهي مقدار اللطف والطيبة والكرم في القرى النائية، والأصقاع البعيدة عن العين، القريبة من القلب. فكم من لُطفٍ خفي!
10. أودّ فعلًا أن أراجع أجندة العام المنصرم، وأضع خطوطًا عريضةً على ما أنجزته، وعلامات تعجب على ما لم أنجزه. أتأمل بكل الممارسات التي أقدمت عليها، لأعدّل خطة العام الجديد، وأنظر ما سبب إخفاقي في تحقيق ما تمنيت ثم أقيّم تلك الجهود؛ هل حقًّا كانت تستحق التعب؟
نهايةً، أمنياتنا هي خطوط متواصلةٌ من الجدّ والعمل، وخارطة طريقٍ مستقبليّةٍ لما نصبو إليه. أتمنى لنا جميعًا عامًا خاليًا من الوباء والبلاء والشقاء