كيف أتأقلم مع اختلافي التام عن هذا المجتمع؟

    أنت لست بالاختلاف الكبير عن المجتمع بالحد الذي تعتقده، فمن المستحيل أن يختلف أحد الأشخاص الذي يتشارك مع أفراد مجتمعه بالإنسانية تمامًا عنهم -إلا إذا كنت من كوكب آخر! -، لذلك لنتفق أن تأقلمك مع المجتمع المتواجد أنت فيه ممكن وَوارد.

    تتشارك الإنسانية الجمعاء ببعض القيم والأخلاقيات الأساسية بغض النظر عن الخلفية العرقية أو الدينية أو التعليمية؛ فأنت ومجتمعك ستتفقون على قيم مثل الصدق والأمانة وحفظ ممتلكات الآخرين وما يشبهها من قيم، وحتى لو امتلكت منظومة قيمية تختلف عن مجتمعك ستجد مجموعة من الأفراد الذين يشاركونك بها.

    على سبيل المثال في المجتمع الواحد ستجد مجموعة من الأشخاص ينتهجون قيمة الأمانة، وستجد أيضًا أشخاص اتخذوا من السرقة والخيانة أسلوب حياة. في بعض الأماكن الفقيرة والخطيرة في الدول يعتمد الأفراد على تهديد بعضهم والقتال المسلح لتحديد المناطق المسؤولين عنها، ومن نفس هذا المجتمع يخرج أفراد يدعون إلى السلام ويكونوا منغمسين في العمل التطوعي ومساعدة الغير.

    فأنصحك باستخدام هذا الوقت لمراجعة الأمور التي تجعلك تختلف عن مجتمعك، وأنظر بصحتها من الناحية الإنسانية والأخلاقية والدينية، وإذ كانت الأمور تختلف عن المجتمع من ناحية أفضل، أنصحك بتجربة الأمور التالية لكي تتأقلم معه:

   1) اختر أقرب 5 أشخاص منك: حدد 5 أشخاص يشابهونك بالأفكار والمعتقدات والقيم والنظرة الإيجابية للحياة، هؤلاء الأشخاص يجب أن يمتلكوا العديد من نقاط التشابه معك ويجب أن يكونوا قادرين على مساعدتك على التطور والتحسن، وستقوم بتمضية معظم وقتك معهم. ليس من الضروري أن تقطع علاقاتك مع معارفك الذي يمتلكون نظرة مختلفة عنك أو الأشياء المشتركة بينكم محدودة؛ بإمكانك تمضية الوقت مع هذه الفئة أيضًا لكن لفترات أقل من الـ 5 الأساسيين.

    2) لا تحاول تغير المجتمع وأفراده: فإذا امتلك الآخرون خيار الاستماع لأفكارك أو مهاجمتك عليها سيختار أغلبية الناس مهاجمتك. فلا تضيع وقتك في محاولة إقناع الآخرين بأفكارك ومبادئك؛ فلا أحد يستطيع تغيير الأفراد سوى أنفسهم، فالتغيير يصدر من داخلنا لا من كلام من حولنا.

    في بعض الأحيان تأخذ محاولاتك لإقناع الأفراد من حولك بأفكارك منحنى مختلف تمامًا عن الذي ترغب به؛ فمن الممكن أن ينتهي الأمر بنفورهم وامتلاكهم حقد ورفض موجه اتجاه الأفكار التي عرضتها عليهم، نتيجة ضغطك بأفكارك عليهم. إذا كنت ترغب في إيصال فكرتك إليهم، قم -بشكل غير مباشر- بعرض الفكرة بشكل عملي بدلًا من طرحها نظريًا؛ فبدل إقناع المجتمع على سبيل المثال على التقليل من الاستهلاك الغذائي من المصادر الحيوانية، قم بصنع بعض الأطباق النباتية اللذيذة وقم بتقديمها لهم.

     3) تقبل اختلافك: فأعتقد أن مصدر اختلافك الذي صنع مشكلتك مع المجتمع يعود  لفكرة تؤمن بها بشكل عميق، لا رغبتك بالتميز عن الآخرين بأي طريقة. هذا يجعلك شخصًا متميزًا اتبع الأمور التي حكّم عقله وقلبه إليها، والشخص الذي يختلف عن المجتمع في أفكاره يجب أن يتعايش معها ويتقبلها؛ ليكون أفضل انعكاس عملي لهذه الأفكار. لذلك لا تضيع الكثير من وقتك بالبحث عن الانسجام مع من حولك خاصة عند درايتك باستحالته أو صعوبته، واستخدم هذا الوقت لتنسجم مع نفسك.