"أشعر أنّ وحدتي ليست بأشدّ ولا بأعمق من وحدة غيري من الناس، كلّنا وحيد منفرد، كلّنا سرّ خفيّ، كلّنا محجوب بألف نقاب ونقاب، وما الفرق بين مستوحد وآخر سوى أنّ الأوّل يتكلّم عن وحدته والثاني يظلّ صامتاً. وقد يكون في الكلام بعض الراحة، وفي الصمت بعض الفضيلة."
- جبران خليل جبران
بتلك الكلمات عبر الكاتب جبران خليل جبران عن الفضيلة الّتي يقدّرها في حياته، والّتي تتجسّد في الصمت الّذي يخفي وراءه أسرار وحدته.
لكلّ منّا فضائله الراسخة الّتي تنعكس على تصرّفاته وأفعاله بحيث إنّ الفضائل تعتبر بأنّها القيم الّتي تساهم في تحسين حياة الفرد والمجتمع، فتتجسّد على شكل مجموعة من القيم الّتي تتحكّم في أفعال وردود أفعال الفرد.
ولعلّ فضيلة العلم هي من أكثر الفضائل الّتي أقدّرها في حياتي، بحيث إنّه يجمع مختلف الفضائل ويرسّخها في الإنسان الّذي يتبع نهجه وطريقه، بحيث إنّه يجعل من ضوء قنديلها نوراً يضيء كلّ ظلمة في زوايا الجهل في مسار القدر، وسبيلاً للتعرّف على تفاصيل الكون والارتقاء بأفكار، ومعرفة.
إنّ العلم برأيي هو طوق النجاة الّذي ينتشل الإنسان من الغرق في غياهب الجهل، ويمكّنه من اكتشاف أسرار الكون، والتجوّل في خبايا الطبيعة، من خلاله استطاع الإنسان إعمار الأرض عبر العصور، وتجسيد الجمال والإبداع بتفاصيله، والتكييف في هذا الكون الشسيع، وأيضاً تمكين الفرد من الوصول إلى أعلى المراتب، لإفادة مجتمعه والعالم، وذلك من خلال اتّصافه بالقيم والمبادئ الّتي تعكس الفضائل الّتي يتّسم بها العالم والّتي يمنحها العلم إليه.
أمّا بالنسبة للأخلاق فإنّ الفضائل تعرّف على أنّها سمات شخصيّة وميل للتصرّف بأسلوب معيّن يكتسبه الإنسان عبر الاقتداء بنماذج جيّدة كما فسّرها الفيلسوف أرسطو في كتابه علم الأخلاق حيث قال:
"إنّ البشر كائنات اجتماعيّة، عقلانيّة تتطلّع للحياة السعيدة، ولتحقيق هذه الغاية وضع الفيلسوف الكبير نظاماً أو قواعد للوصول إلى الرخاء أو السعادة".
ومن هذا المنطلق الفضيلة هي المتوسّط الذهبيّ بين صفتين متناقضتين وبناء على ذلك ممكن أن تكون صفات تتّصف بالوسطيّة مثل الشجاعة الّتي تتوسّط الجبن والتهوّر، وأيضاً الكرم والبهاء والنبل والاعتدال والصبر الّذين يمثّلون الفضائل الّتي تعكس القيم الحميدة.
ولعلّ العلم والمعرفة يجعلون من هذه الفضائل سمات يتّصف فيها أيّ عالم أو فرد يبحر في بحر العلم والمعرفة، لذلك من وجهة نظري أنّ العلم هو من أعظم النعم والفضائل الّتي يجب تقديرها وجعلها منهجاً يتبعه الأفراد جيلاً بعد جيل.