يعرّف الكرم أنه العطاء من طيب نفس.
عرف العرب منذ الجاهلية بكرمهم وسخاءهم وطيب نفسهم, فكانوا يتباهون بكرمهم وجودهم, فلم يكن الوازع الديني هو من يحرك شعورهم بضرورة إكرام الضيف إنما جاءت اهمية الكرم من ناحية دينية مع قدوم الاسلام.
وكان من الاسباب التي تحثهم على قرى الضيف, طبيعة الحياة الصحراوية التي يعيشونها, فكانوا يراعون ظروف بعضهم لأنهم عرفوا بالترحال بحثاً عن الكلأ والماء, فقد يضطرون للترحال ليلاً مثلاً مع أجواء باردة فلا يجدون طعاماًّ, فيقوم من يسكن المنطقة باستنباح الكلاب وبإشعال نار القرى, ويكون استنباح الكلاب عن طريق اطفاء النار فلا يرى الكلاب ما أمامهم فينبحون باستمرار مما ينبه من يمشي في الصحراء أن هناك أناساً في منطقة قريبة فيتبعون نباح الكلب للوصول لأصحابه وبالتالي يجدون ما يسد رمقهم, أيضاً كانوا يشعلون النار العالية ليدلّ التائه من خلالها أن هذه المنطقة مأهولة فيجود عليه أصحابها, ولم تكن ناراً عادية بل كانوا يطيّبون هذه النار بالغار لتكون نار القرى مميزة, ومما قيل في ذلك:
قد اصطلى ناره حيناً ويُضرمها
إذا خبا ضوؤها الهنديّ والغارا
- أيضاً مما قيل في كرم الشخص أنه "كثير رماد القدر" كناية عن شدة كرمه وكثرة الطبخ في القدر للضيوف, أيضاًّ كانت توصف قدور الكرماء أنها قعورها تحمل لوناًّ أسوداً لكثرة ما تتعرضذ للنار للطبخ للضيوف.
- وكل قيم الكرم هذه في الجاهلية أخبرتنا عنها أشعارهم التي وصلتنا ,ومن أعلام الكرم في الشعر الجاهلي حاتم الطائي ومما يخبرنا عن شدة كرمه ما قاله:
أيا ابنة عبد الله، وابنة مالكٍ،
وبا ابنة ذي البُرْدينِ والفرَسِ الوردِ
إذا ما صنعت الزاد، فالتمسي لهُ
أكيلاً، فإني لست آكلهُ وحدي
أخا طارقاً، أو جار بيتٍ، فإنني
أخافُ مَذَمّاتِ الأحاديثِ من بعدي
وإنّي لعَبْدُ الضّيفِ، ما دام ثاوياً
وما فيّ، إلاّ تلكَ،من شيمة العَبدِ
- كما ولم لم يقتصر كرم الجاهلي على الضيف وحده بل كان يتفقد دابة ضيفه ويكرمها قبل ضيفه, ومما يذكر في ذلك:
مطيّة الضيف عندي تلو صاحبها
لن يأمن الضيف حتى تُكرم الفرسا
والحديث يطول في هذا الموضوع..