من خلال دراستي للغة العربية تعرفت على شعر الصعاليك وتعمقت به، فقد عرف الصعاليك أنّهم جماعة من العرب في العصر الجاهلي، ممّن ولدوا لأمهات حبشيات وأنكرهم آباؤهم ولم ينسبوهم إليهم، أو ممن طردوا من قبائلهم لعدم انتمائهم للسلطة القبيلة، ولشعر الصعاليك عدد من المميزات:
- استبدلوا المقدمات الطللية، التي اعتاد الشاعر الجاهلي عليها، بمقدمات فروسية.
- امتازت حياة الصعاليك بالقسوة والتوتر والقلق الدائم، فعكس ذلك على أشعارهم، إذ كتبوا المقطوعات لا القصائد الطوال.
- ذكروا قصصهم في أشعارهم ومغامراتهم في الصحراء، ووصفوا تشردهم.
- تميز شعرهم بالواقعية والدقة في التعبير.
- وظفوا ألفاظًا وحشية وغريبة تعكس مرارة وقسوة الحياة.
- استنكروا في قصائدهم بعض العادات القبلية وسلطتها، وحاربوا الفقر، وتغنوا بالشجاعة والكرم والجود.
وقد برز عدد كبير من شعراء الصعاليك الذين اشتهرت قصائدهم وذاع صيتها، ومن أبرزهم:
شاعر من بني عبس وأحد أبرز فرسانها، كان يسرق لإطعام الفقراء والإحسان إليهم، ولقّب بعروة الصعاليك، فكان سيدهم ويرجعون إليه في أمورهم وشؤونهم، فهو القائل:
لحي الله صعلوكًا إذا جن ليله
مصافي المشاش آلفًا كل مجزر
يعد الغنى من دهره كل ليلة
أصاب قراها من صديق ميسر
اسمه ثابت بن جابر، ويقال أنه لُقّب بهذا الاسم لأنّه كان يضع السيف تحت إبطه حين يخرج للغزو، وكانت معظم غزواته على بني صاهلة من قبيلة هذيل وبني نفاثة من قبيلة كنانة، ومن شعره:
إذا المرء لم يحتَلْ وقد جَدَّ جِدُّه
أضاع وقاسى أمرَه، وهو مُدْبر
اسمه ثابت بن أواس، من أبناء حجر بن الهنوء الأزدي، ولقب بالشنفرى إشارة إلى سواد لونه، وحدة طبعه، وتنسب له لامية العرب، وهي من أهم القصائد في الأدب العربي، يقول فيها:
أقيموا بني أمي صدور مطيكم
فإني إلى قوم سواكم لأميل
فقد حمت الحاجاتُ والليلُ مقمرٌ
وشُدت لِطياتٍ مطايا وأرحُلُ
من فرسان الصعاليك وشعرائها، كان فاتكًا يُضرب فيه المثل لسرعته وقوته، حتى يقال إنّ الخيل لا تلحقه لسرعته، ومن شعره:
مَن مُبلِغَ جِذمي بِأَنّي مَقتول
يا رُبَّ نَهبٍ قَد حَوَيتُ عُثكول
وَرُبَّ قِرنٍ قَد تَرَكتُ مَجدول
وَرُبَّ زَوجٍ قَد نَكَحتُ عُطبول
2791 مشاهدة
