ما هو الفرق بين قوله تعالى (ولتصنع على عيني) وقوله (واصطنعتك لنفسي)

1 إجابات
profile/دمحمد-الطويل-1
د.محمد الطويل
دكتوراة في الفقه وأصوله (٢٠١٠-٢٠١٣)
.
٢٩ نوفمبر ٢٠٢٠
قبل ٤ سنوات
يمكن أن يقال أن صنع الله لموسى على عينه والذي يعني تنشئته له في حجر فرعون بحفظ الله وتدبيره هو أحد مظاهر الاصطفاء الوارد الاية الثانية ( واصطنعتك لنفسي ) فهذا الاصطناع والذي يعني فيما يعني الاجتباء والاصطفاء كان من مظاهره صنع الله لموسى على عينه .
وتفصيل ذلك :

وردت هاتين الآيتين في سورة طه في سياق قصة موسى عليه السلام : 
 
حيث وردت الأولى في سياق ذكر إلقائه في اليم بوحي الله لأمه وتقدير الله أن يكون فرعون هو من يأخذه ويربيه وهو ما كانت تحاذره أم موسى عليه السلام ولكن لله تقدير آخر أراد فيه إذلال فرعون ، وإظهار آية من آية غلبته سبحانه وقهره لمن عتى وتجبر ، ففرعون الطاغية الذي قرر قتل اولاد بني إسرائيل حذرا من نشوء غلام منهم يكون زواله ملكه على يديه برؤية رآها ، قهره الله حتى جعل فرعون نفسه هو الذي يربي هذا  الغلام ويغذيه ويحميه حتى يكبر ويكون هلاكه على يده !
فهذا بعض معاني ( ولتصنع على عيني ) يعني لتكون تربيتك وتغذيتك ونشأتك على عين الله يعني برؤية الله وحفظه وتدبيره وحكمته سبحانه ليكون في ذلك آية فيما بعد .

أما الآية الثانية وهي قوله تعالى (واصطنعتك لنفسي ) ( 41 ) 
فجاءت بعد ذكر نعم الله على موسى في صغره وتنشئته وكيف حاطه الله وحماه وحفظه حتى يبلغ مراد الله فيه في اصطفائه واجتبائه ليكون كليم الله ورسوله لفرعون وقومه من بني إسرائيل ، ليبين مدى حب الله لموسى ، وأن هذا الاصطفاء هو محض فضل الله وصنعته وتدبيره .
قال السعدي في تفسيره تيسير الكريم الرحمن :
(أجريت عليك صنائعي ونعمي، وحسن عوائدي، وتربيتي، لتكون لنفسي حبيبا مختصا، وتبلغ في ذلك مبلغا لا يناله أحد من الخلق، إلا النادر منهم، وإذا كان الحبيب إذا أراد اصطناع حبيبه من المخلوقين، وأراد أن يبلغ من الكمال المطلوب له ما يبلغ، يبذل غاية جهده، ويسعى نهاية ما يمكنه في إيصاله لذلك، فما ظنك بصنائع الرب القادر الكريم، وما تحسبه يفعل بمن أراده لنفسه، واصطفاه من خلقه؟) .

والله أعلم