ليعلم السائل بأن الله عز وجل لا يرد دعاء مسلم دعاه بصدق وكان دعائه موافق لشروط الدعاء.
- فإذا اجتمعت الشروط المطلوبة في الدعاء وانتفت عنه الموانع فإنه يستجاب لصاحبه بإذن الله تعالى بلا أدنى شك؛ فالله تعالى قد وعد عباده بذلك والله لا يخلف وعده كما قال:.. لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ سورة الروم: 6،
- كما أنه صح وثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من رجل يدعو الله بدعاء إلا استجيب له، فإما أن يعجل له في الدنيا، وإما أن يدخر له في الآخرة، وإما أن يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما دعا ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم أو يستعجل. قالوا: يا رسول الله؛ وكيف يستعجل؟ قال: يقول: دعوت ربي فما استجاب لي) رواه مسلم والترمذي
فإن لم يتحقق له ما دعا فإن الله تعالى يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما دعا.
- فإذا شعر المسلم بأن الإجابة قد تأخرت عليه أن يراجع نفسه وأن يحاسبها فالله تعالى هو حكيم عليم، فقد يؤخر الإجابة لحكمة بالغة، ومن بين هذه الحكم ليكثر دعاء المسلم وليكثر إدلاء حاجته إلى ربه، ويتضرع إلى الله تعالى بذل وخشوع
فإن تحققت هذه الأمور حصل على الخير والأجر العظيم ورأى الصلاح والقبول والرقة في نفسه وقلبه.
ولربما أخر الله تعالى إجابة الدعاء لحكم أخرى لا نعلمها وقد يستجاب لك ويعجل الله لك الدعاء أيضا لحكمة بالغة
- فإذا تأجلت الحاجة فلا تستعجلها ولا تلم ربك، ولا تقل: لماذا، لماذا يا رب؟ وأحسن الظن بالله فإن من أسباب تعجيل الإجابة هي حسن الظن بالله بأن تدعي الله تعالى وأنت متيقن بأن الله تعالى سيستجيب لك
- فينبغي على المسلم إذا ألح بالدعاء لفترات طويلة ولم يتحقق له الإجابة أن يراجع نفسه ولينطر إلى أعماله فلعل عندك شيئاً من المعاصي أو الذنوب لأنها السبب الكبير في تأخير الإجابة، ولعل هناك أمراً آخر تأخرت الإجابة من أجله لأنه يكون فيه خيرٌ لك.
يقول الله تعالى: (وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا) سورة الإسراء: 11،
يقول الرازي في تفسيره لهذه الآية:
يحتمل أن يكون المراد: أن الإنسان قد يبالغ في الدعاء طلباً لشيء يعتقد أن خيره فيه، مع أن ذلك الشيء يكون منبع شره وضرره، وهو يبالغ في طلبه لجهله بحال ذلك الشيء، وإنما يقدم على مثل هذا العمل لكونه عجولاً مغتراً بظواهر الأمور غير متفحص عن حقائقها وأسرارها.
- فالمسلم مأمور بالدعاء وموعود بالإجابة، ولا ينبغي أن يستعجل الإجابة لأنه ليس هو من يختار الوقت والزمان التي يستجاب له بها، فالذي يختار ذلك هو الله سبحانه وهو الأعلم بمصلحة العبد، وبما يليق به ويناسبه،
- وهناك أشياء قد يتعلق العبد بها ويسعى لتحقيقها قد تكون شر له وهو لا يعلم ويغضب إن لم تتحقق. وربما قد تكون سبب في تعاسته وهلاكه إن تحققت!!
يقول الله تعالى: (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) سورة البقرة: 216،
- فالله تعالى هو أرحم بالعبد من نفسه، وهو الذي يعلم مصلحته وهو أقدر بها منه؛ كما قال تعالى: وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ. فمن الصواب وحسن الظن بالله أن يتماشى المؤمن مع أقداره، سواء سرته أو ساءت له.
وأذكر هنا تجربتين أعرفهما باستجابة الدعاء وتأخره:
التجربة الأولى: إحدى الأخوات كانت دائما تدعو الله تعالى وهي متيقنة تمام اليقين ولديها حسن الظن بالله تعالى بأن دعائها سيتحقق لها وبالفعل قد أجاب الله الدعاء لها ومازالت متيقنة بأن الله سيحقق لها من الدعاء ما هو خير لها.
التجربة الثانية: أحد الإخوة كان يقول لي إني لأدعو الله من سنين والله لم يحقق لي دعائي وإني أفعل كذا وكذا والله لا يستجب لي وقد سئمت الدعاء!!!
فكنت أرى به السخط والضجر بعدم استجابة الدعاء له فأخبرته بأن الله تعالى يريد بالمسلم أن يحسن الظن به لكي يستجيب له الدعاء وأن يرضى ما يختار له الله تعالى ويحمد الله تعالى على كل شيء.
وأن من شروط الإجابة عدم التعجيل والرضى. وليعلم بأن الدعاء في جميع الأحوال خير للعبد
فإن لم يتحقق له ما دعا فإن الله تعالى يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما دعا. أو يؤخره له في الآخرة.