لقد مر علي هذا الشعور من قبل عندما استسلمت لمرض ابن أختي عمر الذي يعاني من ضمور في الدماغ، وخاصة عندما أتى للأردن برفقة والدته واخونه لتلقي العلاج والتأهيل، وقد تركت عملي لمساعدته ومن ثم قرر والده إعادة الأسرة - وعمر معهم طبعاً- لدبي والبحث عن مراكز متخصصة هناك لإكمال رحلة علاجه وتأهيله بعد أن قطع شوطاً لا بأس به هنا في عمان... وقتها شعرت أنه لا قيمة لحياتي دون عمر، وخاصة أن أسرته كانت قد قضت 4 سنوات في دبي بحثاً عن مراكز متخصصة تناسب حالته ولم تتوفق، خفت عليه كثيراً واعتقدت أنه سيضيع وسيحرم من فرصته في تلقي العلاج والتأهيل، كما أنني قد فقدت الأمل الذي كان يملؤني بأن بوسعي مساعدته لتخطي إعاقته والتغلب عليها. فمن جهة كنت حزينة على وضع عمر هذا، ومن جهة أخرى كنت حزينة على وضع أختي وأبنائها الآخرين الذين قد غيروا نمط حياتهم بالكامل عندما قرروا تشتيت الأسرة لتأتي أختي وأبناءها هنا لعمان للبقاء بجانب عمر، بينما بقي زوج أختي في دبي لأن شركته لم تسمح له بالسفر للأردن وإتمام عمله عن بعد... عند عودة عمر إلى دبي أحسست بشعورك هذا فعلياً؛ فأصبحت حياتي بلا قيمة، ولكنني كنت أدعو ليل نهار لكي يعيد الله عمر إلى عمان ليأخذ فرصته في العلاج والتأهيل، فأرسله لي والداه وقلبهما يتقطع لفراقه، من هنا أصبح هدفي في الحياة هو عمر وتأهيله وعلاجه ومساعدته ليعتمد على نفسه قدر المستطاع، فعادت لي الحياة من جديد.
فإن عشت حياتك بلا هدف فستكون كشخص يمشي في طريق طويلة وهو لا يعلم أين يذهب وما هو هدفه، وبالتالي ستكون احتمالية عودته وعدم رغبته في إكمال الطريق كبيرة جداً مقارنة بذلك الشخص الذي يعرف هدفه ويسير نحوه بخطوات ثابتة وواثقة.
عليك أيضاً يا صديقي أن تكون واثقاً بنفسك وبقيمتك الذاتية وأنك تستحق الحياة، وأن تحاول تتبع أفكارك السلبية والتحكم بها وعدم السماح لها بأن تتحكم فيك. اقرأ أيضاً
هل بإمكانك التحكم في تدفق نوع الأقكار التي تحدث في رأسك؟ كما أن الشخص الوحيد يشعر في كثير من الأحيان بأنه لا قيمة لحياتك؛ فكما يقال "الجنة بلا ناس ما بتنداس"!
وقد تعاقب نفسك على خطأ ارتكبته بأن تحرمها الحياة، وقد تهرب من واقعك بأن تصغّر من قيمة حياتك إن واجهتك مشكلات كبيرة في حياتك أو مررت بتحديات معينة كفراق شخص عزيز مثلاً.
لذلك عزيزي أنصحك أن تعيد ثقتك بنفسك بأن تكتب نقاط قوتك على ورقة وكذلك الأمور الصغيرة التي يجب أن تشكر الله عليها والأمور الإيجابية التي حصلت معك مهما كانت صغيرة، كأن تكون قد بدأت صباحك بحبة شوكولاته مع فنجان قهوة واستطعت تناوله "عرواق". جد هدفاً لتعيش لأجله، ومارس هواياتك وتمرينات الاسترخاء لتريح عقلك قليلاً، وراقب أفكارك السلبية واطردها فوراً من رأسك، وتحدث مع نفسك بإيجابية، وكذلك يمكنك أن تتحدث مع شخص موثوق عما يهم بك...
في النهاية أود منك أن تتذكر أنك مهما شعرت بأن حياتك لا قيمة لها، فأنت مخطئ لأن الله لم يخلق أي شخص منا بلا هدف وغاية من وجوده على الأرض، فبالنسبة لي فقد اكتشفت أن الله سخرني لابن أختي ويسر جميع الأمور لهذا الغرض، فبدل أن تكون حياتي بلا قيمة أصبحت قيمتها عالية جداً لأنها مسؤولة عن طفل يرى العالم بعيوني ولا ذنب له بما يحصل من حوله.
راجع نفسك وحياتك ستجد أن قيمتك غالية فعلاً، وأنك السبب في ابتسامة أحدهم كل يوم كوالدتك مثلاً، أو أن وجودك في الدنيا وفي مؤسستك بالذات أضاف لها الكثير وجعلها تجني الأرباح، وقد لا تلاحظ هذا الآن ولكنك ستجد نفسك يوماً ما سبباً في سعادة أو راحة أو نجاح أحدهم! فلا تستسلم لهذا الشعور وغير منظورك عن الحياة واعلم أنك تستحق الأفضل دائماً.