حكم من يتوفى عنها زوجها فتتزوج بعده :
لا بأس بذلك وليس عليها أي جناح ، وزواجها خير من بقائها بلا زوج ، وقد فعل هذا كثير من الصحابيات، لما مات أو استشهد عنهن أزواجهن تزوجن بعدهن ، منهن : أسماء بنت عميس وخولة بنت حكيم رضي الله عنهن، وما زال هذا دأب النساء.
وليس في ذلك أي غضاضة أو عيب عليها، ولا يعتبر ذلك نقصاً في محبتها أو وفائها لزوجها الأول ، فهذا ليس بصحيح ، لأن المرأة تحتاج إلى رجل يعينها في هذه الحياة ويعفها خاصة إذا كانت في أول عمرها وليس لها أولاد أو أولادها صغار.
جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم، خطب أم مُبّشر بنت البراء بن معرور، فقالت: إني شرطت لزوجي أن لا أتزوج بعده، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن هذا لا يصلح"!.
( رواه الطبراني).
فلو أن كل امرأة مات عنها زوجها رفضت الزواج بعده لكثر عدد الأرامل في المجتمع وكان ذلك عبئاً ولا شك ، وليس كل أرملة تجد من يعينها ويقف معها في هذه الحياة من أب أو أخ أو ابن.
ولكن لو وجدت المرأة من يعينها ورغبت نفسها عن الزواج وأحبت ألا تتزوج بعد زوجها الأول لشدة تعلقها به مثلاً ، فلا بأس بذلك أيضاً ، وقد فعلت ذلك أم الدرداء لما توفي عنها أبو الدرداء وخطبها معاوية رفضت الزواج وأخبرت أنها تريد لقاء أبي الدرداء في الجنة.
مع أي الأزواج تكون المرأة التي تزوجت أكثر من زوج في الجنة :
هذه المسألة اختلف فيها العلماء على ثلاثة أقوال :
القول الأول: أنها تكون مع آخر أزواجها في الدنيا ، ودليل هذا القول ما روته أم الدرداء قالت : إني سمعت أبا الدرداء يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "أيما امرأة توفي عنها زوجها فتزوجت بعده فهي لآخر أزواجها" (رواه الطبراني) .
وهذا الحديث ضعفه بعض العلماء وحسنه بعضهم .
وقد روي هذا القول عن أسماء بنت أبي بكر الصديق وحذيفة بن اليمان أيضا.
القول الثاني : أنها تكون مع أحسنهم خلقاً ، ودليل هذا القول ما روي عن أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : "يا رسول الله ، المرأة يكون لها الزوجان في الدنيا ، ثم يموتون ويجتمعون في الجنة ، لأيهما تكون ؟ للأول أو للآخر ؟
فقال عليه السلام : "لأحسنهما خلقا كان معها يا أم حبيبة ، ذهب حسن الخلق بخير الدنيا والآخرة " ( والحديث ضعيف )
القول الثالث : أنها تخير يوم القيامة فتختار هي من تشاء أن تكون معه في الجنة.
ولكن هذا القول وإن ذكره بعض العلماء إلا انه ليس عليه دليل واضح سوى آثار عن بعض السلف .
فيظهر أن الأرجح هو أحد القولين الأول أو الثاني وقد يكون الأول أقرب وأرجح .
وعلى كل حال عليك أن تعلمي أن أخلاق الزوج في الجنة لن تكون كأخلاقه في الدنيا ، فلو كنت كرهت خلقاً من زوج في الدنيا فإنه في الجنة لن يكون على ذلك الخلق المكروه بل سيكون على أحسن حال وخلق ، ولن يكون هناك ما ينغض عليك في الجنة بل ثقي أن الله سيرضيك، فالجنة لا نكد فيها ولا هم ولا وصب ولا حسرة ، والله يعلم الخير والمصلحة لعباده.
والله أعلم