أظنك تقصد ما ذكره الإمام ملا علي القاري الحنفي في شرحه لكتاب الشفا في حقوق المصطفى للقاضي عياض المالكي، حيث أورد في أثناء شرحه أن عمر رضي الله عنه قال عند جثمان النبي صلى الله عليه وسلم كلمات رثى فيها رسول الله وفيها:
"بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لقد بلغ من فضيلتك عند الله أن جعل طاعتك طاعته فقال: من يطع الرسول فقد أطاع الله!
بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لقد بلغ من فضيلتك عنده أن أخبرك بالعفو قبل أن يخبرك بالذنب فقال: عفا الله عنك لم أذنت لهم!
بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لئن كان موسى بن عمران أعطاه الله حجرا يتفجر منه الأنهار، فما ذاك بأعجب من أصابعك حين نبع منها الماء، صلى الله تعالى عليه وسلم.
بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لئن كان سليمان بن داود أعطاه الله الريح، غدوها شهر ورواحها شهر، فما ذاك بأعجب من البراق حين سرت عليه إلى السماء السابعة ثم صليت الصبح من ليلتك بالأبطح صلى الله تعالى عليك!
بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لئن كان عيسى بن مريم أعطاه الله تعالى إحياء الموتى، فما ذاك بأعجب من الشاة المسمومة حين كلمتك فقالت: لا تأكلني فإني مسمومة! صلى الله تعالى عليك.
بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لقد دعا نوح على قومه فقال: (رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا) ولو دعوت علينا لهلكنا من عند آخرها. فلقد وطئ ظهرك وأدمي وجهك وكسرت رباعيتك، فأبيت أن تقول إلا خيرا، وقلت: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون.
بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لقد اتبعك في قلة سنينك وقصر عمرك ما لم يتبع نوحا في كثرة وطول عمره، فلقد آمن بك الكثير وما آمن معه إلا قليل.
بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لو لم تجالس إلا الأكفاء ما جالستنا، ولو لم تنكح إلا الأكفاء ما نكحت إلينا، ولو لم تواكل إلا الأكفاء ما واكلتنا. لبست الصوف وركبت الحمار ووضعت طعامك بالأرض، تواضعا منك صلى الله تعالى عليك."
وهذه الخطبة أو الكلام وإن كان ذكره الملا علي قاري كما قلنا في شرحه كتاب الشفا، ومعناه صحيح وفيه ثناء عطر وطيب ومدح لنبينا الكريم بما هو أهله، لكن ثبوتها عن عرم ونسبتها إليه غير ثابتة، فهي لم تنقل بسند صحيح ولا ضعيف بل ليس لها سند أصلاً يرجع إليه، لذلك فنسبتها إلى عمر بن الخطاب ليس صحيحاً بل لعلها من كلام بعض المتأخرين وتأليفهم ثم نسبت إلى عمر.
والمعروف أن عمر رضي الله عنه دهش في لحظة وفاة النبي عليه الصلاة والسلام وأنكر موته وأخذ يتهدد من قال بموته، حتى جاء أبو بكر الصديق وخطب الناس خطبته المشهورة (من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات...) فسقط عمر ولم تحمله قدماه، ثم كان ما كان من أمر الخلافة ثم تجهيز النبي والصلاة عليه.
والله أعلم