اللغات، و الإشارات، الأصوات و النغمات، و حتى وقع نقرات خطواتنا، تصرفاتنا و حركاتنا ببساطتها جميعها، و افعالنا بكل تفاصيلها ما هي الا طرق للتواصل على هيئة الفن، هذه الطرق بكل بساطة تترجم أفكارنا لتتراقص على الحان اوتار الواقع، فهي بصورة أو باخرى خارجة من عالمٍ بداخلنا، عالمنا نحن، لكل منا عالمه المصغر الذي يتواصل به مع من حوله بالغة واحدة، لغة تلامس ارواحنا، و يبعث إشاراته و ذبذباته الى الواقع على شكل حقول الفن بمختلف أنواعها، التي تعبر عن مشاعرنا بصورة واضحة.
الفن هو من أفضل الأساليب المستخدمة لترجمة افكارنا و ايصالها الى العالم بدون الحاجة الى تعقيدات اللغة، فهو لغة واحدة توحد البشرية و تقودها بإتجاه السلام.
بواسطته تستطيع ترجمة افكارك على الورق بضربات فرشاتك و تناغم الوانك تخلق نوعا من التفاصيل التي تأخذ المشاهد الى عالمك الداخلي ليتجول فيه بين مناطق النور في قلبك و الزواية ظلامه كذلك، ليخرج عبر إطار اللوحة مدركاً ما تقصد من خطوطك المتداخلة، و يسمع انين حروفك المتخفية خلالها بدون ان تنطق بأي كلمة.
من جهة أخرى، يمكنك التعبير عن افكارك باللغة الروح، او لغة الموسيقى التي جعلت شاعراً يكتب بنهم عن انين صوت ناي يعاتبه قائلا يا عازف الناي صوت الناي اشجاني قل انت بيتاً وخذ من آهتي الثاني، بشرح وافٍ قدمته حروفه وعبرت عن ملامسة فنون الموسيقى و الحانها لفؤاده. الموسيقى ببساطة عبرت عن افكاره بضربات الحان اوتار عودها و انين نايها الذي يأن وسط صراخ ايقاعات الطبول، ليجد نهاية النفق عند هدوء ليل ألحان عزف البيانو، الذي يتخلل لحن الأنين، عابرا به نحو سكون الليل في نهاية نفقه المظلم هذا مما جعله ينشد تلك الأشعار ويطلق العنان الى مكنونية روحه.
افكارك ما تشعر به كل هذه التفاصيل تعيش بداخلك، تعبر عن مكنونيتك الروحية وما تصبو إليه من أحلام، قدرة الفنان على ترجمة روحه و قدرته أيضاً على التعبير عما يدور برأسه وعالمه و اعطاء صورة جديدة للواقع و فصاحة تعبيره باللغة الفن من أعظم النعم في حياتنا، لذلك يجب علينا ادراك أهمية الفن و دوره الجوهري بالتعبير عن انفسنا، و العمل على احياءه من خلال شغفنا، و إصرارنا المستمر على التعبير من خلاله لانه و ببساطة لا توجد لغة كالغة الفن و لا شيء يستطيع موازاة جمال تعبيره.