إنّ العلاقة بين الفنّ والأخلاق تكاد أن توازي عمر الإنسان فمنذ القدم عبر الإنسان عن معتقداته، وأفكاره، والأحداث الّتي تدور حوله بواسطة الفنون المختلفة وكأنّها شيء فطريّ، ووسيلة للتواصل تجسّد خبرات الإنسان المتمثّلة بأخلاقه بصورة عاطفيّة نابعة من القلب.
تعرف الأخلاق بأنّها السجايا، والطباع، والأحوال الباطنة الّتي تدرك بالبصيرة والغريزة، ويمكن اعتبار الخلق الحسن من أعمال القلوب وصفاتها، فأعمال القلوب تختصّ بعمل القلب بينما الخلق يكون قلبيّاً ويكون ظاهراً أيضاً، بينما الفنّ هو وسيلة أو أداة تساعد على شرح وإظهار الأخلاقيّات بكلّ شفّافيّة ونقلها للمجتمع بطريقة واضحة تحاكي المعتقدات الأساسيّة للفرد.
لقد وجد الفنّ ليحمل رسالة سامية، وينشر من خلالها السلام فلدى كلّ فنّان القدرة على إظهار رسالته عبر إبداعه، سواء كان بواسطة الرسم أو الغناء أو الكتابة أو غيرها من الفنون، وعلى الفنّان أن يحاول أن يكون المحتوى الّذي يقدّمه هادف، وبناء يحمل في طيّاته المحبّة والسلام لإظهار الوجه الحقيقيّ للفنّ بكلّ شفّافيّة.
ببساطة الفنّ يسمو بالروح ويهذّب الأخلاق، فالإحساس العفويّ الصادق بالفنّ يؤثّر حتماً على السلوك الإنسانيّ ويرتقي به إلى أعلى درجات السموّ في التعامل والمعاملات بين البشر بعضهم البعض؛ فيصبح الجمال والأخلاق كأنّهما وجهان لعملة واحدة.
من وجهة نظري الفنّ العظيم حقّاً لا يمكنه ولا بأيّ شكل من الأشكال أن ينفصل عن قضيّة الإنسان، لان الفنّان لديه القدرة على التعبير عن الأسس، والقواعد الّتي يرتكز عليها المجتمع ولا سيّما في خضمّ صراعه المرير، من أجل حقّه الطبيعيّ في الحياة والكرامة الإنسانيّة والحياة الآمنة والعادلة، وذلك حسب اعتقادي إحدى البديهيّات الأخلاقيّة، الّتي لا يمكن أن تكون أبداً مثاراً للجدل أو موضوعاً للاختلاف.