وهل كره نفسك آلة زمنية ستعيدك للحظة الخطأ؟ هل كرهك لنفسك سيمسح الخطأ الكبير عن صحيفة حياتك؟، طبعًا لا!. كره النفس لن يزيدك إلا بؤسًا فوق جبل الندم والحزن الذي تمر به، بل وسيدخلك إلى حالة من جلد الذات الذي سيجعلك في أسوء حالتك ويرسلك للحضيض.
مشكلة جلد الذات الناتج عن كرهك لنفسك لارتكاب خطأ ما أنه يتجسد على هيئة مراجعة الذات؛ فتخدع نفسك بأن قيامك بلوم نفسك هو أحد الخطط التي ستتعلم منها من الخطأ وكرهك لذاتك هو العقاب الأمثل لذلك الخطأ. ستجد نفسك بعد مدة تفتقر للثقة بنفسك والشغف، بل وتكره الشخص الوحيد الذي سيمضي معك جميع أيام حياتك وترفضه الذي وهو نفسك.
وكما هو متوقع لن تتعلم من هذا الخطأ أي شيء وسيتضخم في عينيك ويصبح من المستحيل العيش يومًا آخر معه، وإذا تعلمت أي شيء ستتعلم عدم الاقتراب من مسبب الخطأ إطلاقًا؛ إذ سيصبح مصدر هلع بالنسبة لك، مع أن بعض الجوانب التي أخطأت بها ليس مؤذية حقًا إذا اقتربنا منها بالطريقة الصحيحة، وبعض الجوانب يجب تجنبها وعيًا منا بخطورتها وليس خوفًا منها.
الطريقة الصحيحة للتعامل مع الأخطاء الكبيرة والصغيرة التي قمت بها كونك إنسان معرض للخطأ نلخصها باستراتيجيتين:
* تقبل نفسك بما أنت عليه: تذكر دومًا أنك إنسان ستقوم بالعديد من الأخطاء المختلفة في الحجم والأثر على مدار السنين ولا مشكلة في ذلك. فانتبه لتلك اللحظات التي تقع فيها في جلد الذات وكرهها على الأخطاء التي قامت بها وانظر للمشكلة من منظور منطقي ومثمر؛ فلنأخذ على سبيل المثال خطأً صغيرًا مثل تفويتك للمنبه صباحًا، فبدلًا من قولك "لقد فوت المنبه واستيقظت متأخرًا، أني حقًا شخص مهمل" قم بإخبار نفسك "لقد قمت بهذا الخطأ الصغير -أو الكبير حسب خطأك- ولا مشكلة في ذلك لأني إنسان، سأقوم باختصار بعض الأمور الصباحية غير المهمة لأكون جاهزًا على الوقت أو ليكون وقت وصولي للعمل أقل تأخرًا".
استخدام الإيجابية المفرطة في هذه الحالات ليست أيضًا من التصرفات الصحيحة، كقولك مثلًا "لقد فوت المنبه الصباحي ذلك رائع جدًا! "؛ فأنت بذلك تحاول تجاهل المشكلة والتصرف كما لو أنها لم تحدث قط وذلك لن يثمر بأي شيء.
* قم بتغيير منظورك: فنحن لا نرى أخطاء غيرنا بنفس السوء الذي نرى به أخطاءنا الخاصة، قم بالنظر إلى خطأك من منظور منطقي لشخص خارجي لا علاقة له بالمشكلة -ضع عواطف الندم التي تمر بها حاليًا جانبًا-، هل الخطأ حقًا سيء لهذا الحد؟، هل من المستحيل حله؟، هل الخطأ سيختفي إذا قمت بكره كل خلية في نفسك؟، ما الحلول المثلى لإصلاح هذا الخطأ، الاعتذار؟ الاستغفار؟ التوبة؟ تسليم النفس للعدالة؟ إعادة الحقوق لأصحابها؟.
وتذكر أنك شخص الذي قام بالقيام بهذا الخطأ الكبير هو نفسه الشخص المذهل الذي قام بالعديد من الأمور الصالحة والذي تجاوز العديد من الأمور سابقًا، فهذا ليس أول خطأ لك وليس الأخير، وقد تجاوزت العديد من الأخطاء سابقًا، وحتى ولو كان هذا الخطأ أكبرهم هو يستحق المسامحة والتقبل والمعالجة كالسابقين من الأخطاء، فتعلم منه بدلًا من تضييع وقتك على أفكار العقيمة مثل كره النفس التي نمر بها معظمنا بعد خطأنا، واستغله لحل المشكلة ولتصبح شخصًا أفضل في الغد، حتى ولو أخذ الحل شهر أو سنة أو مئة سنة.
- لقراءة المزيد عن التعامل مع الأخطاء، تابع المرجع الآتي: