نعم ممكن، إذ تضطلع حاليًا مشاريع ابتكارية بتوفير الوصول إلى الإنترنت في جميع أنحاء الأرض، ولعل أبرزها مشروع ستارلينك الذي يمثل كوكبة من الأقمار الاصطناعية الجاري تطويرها لتوفر شبكة إنترنت في مختلف أنحاء العالم، وهي من تطوير شركة سبيس إكس الشهيرة.
ستتكون هذه الكوكبة من آلاف الأقمار الاصطناعية صغيرة الحجم التي تدور في مدار الأرض المنخفض، فتعمل بالتعاون مع تشكيلة من المستقبلات الأرضية. وتخطط سبيس إكس لبيع بعضها إما لأهداف عسكرية أو علمية أو حتى استكشافية. وجدير بالذكر أن قيمة هذا المشروع وصلت إلى 10 مليار دولار.
فضلًا عن ذلك، بدأت مشاريع ابتكارية أخرى في دول نامية لتوفير الوصول إلى الأنترنت في الأماكن النائية، ففي قرى كينيا النائية مثلًا، أطلقت شركة تابعة لجوجل شبكة من المناطيد الضخمة التي وفرت شبكة إنترنت من الجيل الرابع لسكان المنطقة، ما مكنهم من إجراء المكالمات وتصفح الإنترنت ومشاهدة الفيديوهات.
إذن لعلها مسألة وقت قبل أن ينتشر الإنترنت في جميع أنحاء الأرض، لكن برأيي، حتى إن توفر الوصول إلى الإنترنت في جميع بقاع الأرض، لن تتنسى إمكانية الوصول إليه حقًا لمن هو عاجز عن تحمل تكاليف خدماته، ففي النهاية لن تتوفر الخدمات بلا مقابل، ولن تتحمل الشركات تجهيز البنى التحتية مقابل توفير الخدمة بالمجان.
لكن غني عن الذكر أن الإنترنت أصبح حاليًا أمرًا بالغ الأهمية أكثر من أي وقت مضى، ولا سيما في أوقات الأزمات إذ لم يعُد مجرد وسيلة للرفاهية. إذ يتعين على الشركات المزودة لخدمة الانترنت أن تتخذ تدابير عاجلة لضمان قدرة أكبر عدد ممكن من الناس على الاتصال بحبل النجاة هذا، وذلك من خلال تخفيف السياسات بشأن الرسوم المتأخرة وتوفير بيانات بأسعار مخفضة أو حزم خاصة بأسعار معقولة للأفراد ذوي الدخل المنخفض. فحاليًا يعجز أكثر من ثلاثة مليار شخص (نحو 50% من سكان العالم) عن الوصول إلى الانترنت، وبالنسبة لأولئك المحظوظين بالقدر الكافي للحصول على اتصال بالانترنت، فإنهم يمتلكون صلة أساسية بالمعلومات التي تساعدنا في الحفاظ على سلامة أسرنا وأمنها ولا سيما خلال هذه الأزمة الصحية العالمية.
يعتمد انتشار خدمة الانترنت وقدرة الجميع على الوصول لها على توفر البنية التحتية اللازمة وخفض كلفة استخدامها. تضاهي أهمية خدمة الإنترنت حاليًا خدمات الماء والكهرباء. في بعض الأحيان، لا ندفع مقابل خدمة الانترنت بصورة مباشرة ويُعزى ذلك في الغالب إلى أن تكاليفها تُجمَع ضمن نطاق آخر. على سبيل المثال، يضمن بعض مالكي المباني خدمة الإنترنت كجزء من الإيجار. أي أن خدمة الانترنت لن تكون مجانية في الوقت الحالي وإنما يمكن إخفاء تكلفتها وتضمينها ضمن تكاليف أخرى.
من المُقرر على مدى السنوات المقبلة أن تزود شركات الانترنت الدول النامية والضواحي الريفية بخدماتها. إذ أن تبعات تزويد النصف المتبقي من سكان العالم بالانترنت تشكل واحدة من أكثر الفرص المُجدية على الصعيد الاقتصادي والتي قد نشهدها في هذا القرن.
وفي النهاية، أتوقع أن تصبح خدمات الإنترنت مضاهية في أهميتها وتوفرها لخدمات المياه والكهرباء.