الإمام الشافعي رحمه الله هو أول من كتب وصنّفَ في علم أصول الفقه في كتابه المشهور: " الرسالة" وهو كتاب موجود في زمننا هذا ومطبوع
وأقتبس هنا من كتاب: " البحر المحيط في أصول الفقه" للعالم أبي عبد الله الزركشي (المتوفى: 794هـ ) من الصفحة 18 ما نصُّه:
(( فَصْلٌ أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ فِي الْأُصُول: الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ صَنَّفَ فِيهِ كِتَابَ "الرِّسَالَةِ " وَكِتَاب " أَحْكَامِ الْقُرْآنِ " وَ "اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ " وَ" إِبْطَالِ الِاسْتِحْسَانِ " وَ "كِتَابَ جِمَاعِ الْعِلْمِ " وَكِتَابَ " الْقِيَاسِ " الَّذِي ذَكَرَ فِيهِ تَضْلِيلَ الْمُعْتَزِلَةِ وَرُجُوعَهُ عَنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِمْ، ثُمَّ تَبِعَهُ الْمُصَنِّفُونَ فِي الْأُصُولِ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَل: لَم نكُنْ نَعْرِفُ الْخُصُوصَ وَالْعُمُومَ حَتَّى وَرَدَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ الْجُوَيْنِيُّ فِي شَرْحِ "الرِّسَالَةِ ": لَمْ يَسْبِقْ الشَّافِعِيَّ أَحَدٌ فِي تَصَانِيفِ الْأُصُولِ وَمَعْرِفَتِهَا. )) انتهى الاقتباس.
وقد قيل إن أول من صنف في علم أصول الفقه وضبط القواعد هما: أبو يوسف القاضي ومحمد الشيباني تلميذا أبي حنيفة رحمهم الله ، ولكن هذا غير مجزومٍ به، إذ لم يصل إلينا من ذلك شيء.
ولكن ما هو علم أصول الفقه بالأساس؟
و"علم أصول الفقه" علمٌ يدرس أدلة الفقه الإجمالية، وما يُتَوصَّلُ به إلى هذه الأدلة، وطرق استنباط الأحكام الشرعية منها.
بعبارة أخرى: هو العلم بالقواعد التي وضعت للوصول إلی استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية
أيْ أنه يبحث في أدلة الفقه الإجمالية وكيفية الاستفادة منها، وحال المجتهد.
وأدلة الفقه الإجمالية التي هي الأصول الأساسية المتفق عليها عند الأصوليين والفقهاء أربعة، هي: القرآن الكريم، والسنة النبوية، والإجماع، والإجتهاد.
والسؤال الآن: كيف كان المسلمون قبل الإمام الشافعي يتصرفون بدون هذا العلم؟؟
والحقيقة أن أصول الفقه وقواعده كانت معروفة في أذهان فقهاء الصحابة والتابعين، لكن بدون تدوينها وترتيبها وتقعيدها في قواعد، ولم يكونوا بحاجة لتأصيلها لأنها أصلاً عُلمَتْ ودُرِّسَت عن طريقهم، لقرب عصرهم من زمن تنزل الوحي.
وبعد انقضاء زمن الصحابة والتابعين الأوائل ازدهر عصر التدوين والتأصيل لمعظم العلوم الشرعية، واحتاج الفقهاء والمجتهدون إلى تأصيل وتفصيل قواعد استنباط الأحكام الشرعية من نصوص الوحي والأدلة الفقهية، فنشأ من هنا علمُ أصول الفقه، وأول من كتب فيه كان الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه كما قلنا أعلاه.