على نقيض ما يعتقده ويعتنقه الجميع فإن الراحة النفسية لا تتحقق من راحة حقيقية بالمعنى الحرفي لها، ففراغ الوقت والذي نتوهم به راحة ما هو إلا مفسدة للنفس وكلما ازداد الفراغ ازداد تفكيرك في أمور تضطرب لها نفسك.
خذ نفساً عميقاً يا صديقي ستريحك هذه الإجابة.
تتوالى الهموم على أكتافنا حتى تثقلها قلقاً وهماً والسعيد من يستنجد لنفسه ويسأل هذا السؤال، ليبدأ رحلة حقيقية في البحث عن الراحة.
من وجهة نظري فإن الراحة النفسية لا تتحقق من أمر واحد بل هي عدة لبنات ترفع جداراً من الراحة حول نفسك.
أولها الرضا.
فعندما ترضى بحالك وتحمد الله عليه تتوقف سيول المقارنات الوهمية وتلتمس نعم الله عليك التي لا تحصى ولكننا ننشغل عنها بنعم الآخرين فلا نعد نراها وقدرها،
أغمض عينيك لمدة دقيقة وسترى كم أنت محظوظ لأنك تعرف الألوان وتميزها وترى كل ما يطيب لعينيك خاطراً ليس هذا فحسب مع إغلاق عينيك لهذه البرهة من الزمن ستتنشط حواس بدنك الأخرى ستلاحظ أن سمعك أصبح أقوى لأنك اعتمدت عليه لمعرفة ما يدور من حولك.
انتهت البرهة؟
لا انتظر هل تعلم أن هنالك فاقدين لنعمة البصر ولديهم من الراحة النفسية ما لا نمتلكه لدينا نحن الأصحاء.
إنه الرضا.
الحمد لله،
قد يعتقد البعض أن قول الحمد لله يعني التوقف عن طلب المزيد من النعم،
قطعاً لا فالحمد هي بداية إيجابية لطلب المزيد من النعم ولكن بلا استعجال وسخط.
السلام الداخلي،
بعد الرضا ابحث عن سلامك الداخلي، أوقف الحروب بداخلك في أمور تعتبر سخيفة مقارنة بالقدر الذي تهلك نفسك بالتفكير به.
تجاهل وتغافل فعندما تتجاهل يقل مستوى تفكيرك في ما لا فائدة ترجى منه وتبقى صديقاً لنفسك وللآخرين.
الإيمان هو حجر الأساس لراحتك النفسية،
فلتؤمن بالله وبنفسك ولتربط روحك بتواصل مع الله من خلال الصلاة،
فالصلاة الحقيقية لا التي نستثقلها هي راحة للبدن والنفس،
ولا ننسى طلب الرسول صلى الله عليه وسلم من بلال رضي الله عنه حينما قال له:
أرحنا بها يا بلال.
مارس الرياضة لتجعلك أكثر هدوءاً واستقراراً
ولا تنسى الرياضات التأملية مثل اليوغا وطرائق الاسترخاء والتنويم الإيحائي والموسيقى كلها أمور تزيد من راحتك النفسية.
ولا تنس القراءة والكتابة والشطرنج وهوايات أخرى كثيرة
أتعتقد أن الجدار قد اكتمل؟
لا بقي عليك أن تكتب عليه بخطك الجميل
لا للنمط، جدد حياتك ولا تأسرك نفسك والأمور الاعتيادية التي اعتدت على القيام بها.
واسترخ وتنفس بشكل عميق.
ولتعلم أن راحتك النفسية تتحقق من انشغالك بنفسك وعدم مراقبة الآخرين ومقارنة نفسك معهم حيث ان انشغالك بالناس عن نفسك لأمر طارد للراحة النفسية حتما.
وكما يقول المثل الشهير من راقب الناس مات هماً،
أما من الناحية الدينية فالقرآن الكريم يعتبر علاجاً فعالاً في ذهاب الهم والحزن ونزول الهدوء والطمأنينة على النفس.
ومن هذه الآيات يطيب لي أن أذكر لك:
(وَقَالُواْ الْحَمْدُ للّهِ الّذِيَ أَذْهَبَ عَنّا الْحَزَنَ إِنّ رَبّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ) [فاطر: 34].
{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} ﴿٩٧ النحل﴾.
(وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا) [الإسراء: 82].
(الّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنّ الْقُلُوبُ) (الرعد: 28)
(هُوَ الّذِيَ أَنزَلَ السّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوَاْ إِيمَاناً مّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلّهِ جُنُودُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً) (الفتح: 4)
صدق الله العظيم.