وصايا رسول الله صلى الله علي وسلم في التعامل مع الأطفال والإحسان إليهم وتربيتهم كانت قولية وعملية ، والعملي فيها أكثر من القولي ، فكان رسول الله عليه السلام أنموذجاً وقدوة في حسن التعامل مع الأطفال من صغرهم إلى حين بلوغهم .
فمن وصاياه القولية والعملية :
1. منذ ولادتهم ما روته عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يُؤتى بالصبيان، فيبرك عليهم، ويُحنكُهم، ويدعو لهم. أخرجه البخاري.
فهذا من إحسانه للأطفال منذ ولادتهم ، يحث يعلمنا عليه السلام الدعاء للطفل .
2. الرحمة بالأطفال كما قال عليه السلام في الحديث " (من لم يرحمْ صغيرَنا،ويعرف حَقَّ كبيرِنا، فليس منا) (رواه أبو داود ) .
وقد عليه السلام ذلك عملياً في تعامله مع الأطفال ومن صور ذلك
- كيفية معاملته لحفيديه الحسن والحسين رضي الله عنهما وله معهما موافق كثيرة منها : لما دخل عليه الأٌقرع بن حابس وهو يقبلهما ويلاعبهما فقال : اتقبلون صبيانكم ! إني لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحداً فقال له النبي : أو أملك أن نزع الله الرحمة من قلبك ؟! من لا يرحم لا يُرحم ".
فجعل عليه السلام عدم تقبيله للأطفال علامة قسوة قلب غير محمودة .
- ولما كان عليه السلام يخطب في المسجد فجاء الحسن والحسين يمشيان ويعثران فلميملك النبي عليه السلام نفسه حتى نزل من المنبر وأخذهما وحملهما .
- وكان مرة يلصي فجاء الجسن فتعلق بظهره فأطال السجود حتى نزل .
- وروي في حديث - وإن كان في سنده نظر - أنه عليه السلام كان يركبهما على ظهره ويلعبهما ويقول "نعم الرحل رحلكما ".
- ونفس الأمر كان يفعله مع حفيدته امامة بنت زينب ، حيث كان يصلي في الناس في المسجد وهو حامل أمامة فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها .
- ولما مرة أصيب وجه أسامة بن زيد وهو طفل صغير ونزل الدم منه مص عنه دمه ونظفه ، وكان يجلس الحسن على فخده وأسامة على فخذه الأخرى ويقول " اللهم إني أحبهما فأحبهما " .
- وإحسانه للأطفال لم يقتصر على أحفاده بل شمل أطفال المسلمين ،كما يروي أنس عن معاملة النبي لأحد إخوانه واسمه أبو عمير .
قال أنس "كانَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا، وَكانَ لي أَخٌ يُقَالُ له: أَبُو عُمَيْرٍ، قالَ: أَحْسِبُهُ، قالَ: كانَ فَطِيمًا، قالَ: فَكانَ إذَا جَاءَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- فَرَآهُ، قالَ: أَبَا عُمَيْرٍ ما فَعَلَ النُّغَيْرُ قالَ: فَكانَ يَلْعَبُ بهِ" (متفق عليه ) ، والنغير طائر له .
3. سلامه على الأطفال ، فعن أنس بن مالك -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال: " أتى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- على غِلْمانٍ يلعبون فسلَّم عليهم" . (رواه أبو داود)
4. أكله مع الأطفال وتعليمهم أثناء ذلك ، كما روى عمر بن أبي سلمة قال " كُنْتُ غُلَامًا في حَجْرِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ في الصَّحْفَةِ، فَقالَ لي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا غُلَامُ، سَمِّ اللَّهَ، وكُلْ بيَمِينِكَ، وكُلْ ممَّا يَلِيكَ فَما زَالَتْ تِلكَ طِعْمَتي بَعْدُ" (رواه البخاري).
فلم يأنف النبي عن الأكل مع الصغير بل استغل ذلك المقام لتعليمه وتربيته بالحسنى.
5. ومن فعله أنه كان يدخل في الصلاة فيسمع بكاء الصغير فيخفف شفقة على أمه .
6. ومن وصاياه القولية أمره بتربية الأطفال وتعليمهم الصلاة وهذا من أعظم الإحسان إليهم .
جاء في الحديث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله قال " مُروا أولادَكم بالصلاةِ وهم أبناءُ سبعِ سنينَ واضربوهُم عليها وهمْ أبناءُ عشرٍ وفرِّقوا بينهُم في المضاجعِ " (رواه أبو داود).
وفي صحيح مسلم قال عليه السلام " مَن عالَ جارِيَتَيْنِ حتَّى تَبْلُغا، جاءَ يَومَ القِيامَةِ أنا وهو وضَمَّ أصابِعَهُ. "
والله أعلم