أولاً: روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنَّه قال: (إنَّ الله نظر في قلوب العِباد فوجد قلبَ محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم خيرَ قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه، فابتعثه برسالته، ثمَّ نظر في قلوب العِباد بعدَ قلب محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم فوجد قلوبَ أصحابه خيرَ قلوب العِباد، فجعلهم وُزراءَ نبيِّه، يقاتلون على دينه) رواه أحمد.
- وكان من بين هؤلاء الصحابة الصحابيُّ الجليل: معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وأرضاه.
فهو خالُ المؤمنين، وهو كاتبُ وحي النبي صلى الله عليه وسلم، وكاتب رسائل النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لرؤساء القبائل العربيَّة.
فهو الخليفة والقائد، صاحب الفتوحات الإسلاميَّة، وهو القائد المحنَّك، وقد كان داهيةُ زمانه.
-كان الصحابي معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه لبيباً حليماً، ملكاً قوياً، وكان على دراية بأمور الدين، وقد اشتهر رضي الله عنه بالكرم فقد كان يبذل المال في سبيل الله تعالى.
-وقد شَهِد حنينًا، وشهد اليمامة، وكان رضي الله عنه حليما كثير الحلم فكان يُضرب بحلمه المَثل، قال ابن عون: "كان الرَّجل يقول لمعاوية: واللهِ لتستقيمنَّ بنا يا معاويةُ، أو لنُقومنَّك، فيقول: بماذا؟ فيقول: بالخشب فيقول: إذًا نستقيم".
- وقال قبيصةُ بن جابر: صحبتُ معاويةَ، فما رأيتُ رجلاً أثقل حِلمًا، ولا أبطأ جهلاً، ولا أبعد أناةً منه، شهد له الصحابة بالصُّحبة والفِقه؛ فعن ابن أبي مُليكةَ قال: "أوتر معاويةُ بعدَ العشاء بركعة، وعنده مولًى لابن عبَّاس، فأتى ابن عبَّاس، فقال: دعه؛ فإنَّه قد صحب رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم"؛ رواه البخاري.
ثانياً: وقد دعا له النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: (اللهمَّ اجعلْه هاديًا مهديًّا) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن.
ثالثاً: وكان لمعاوية فضلُ ومكانتُه عند الصحابة، فقد استعمله أميرُ المؤمنين عمر خلفًا لأخيه يزيدَ بعد موته بالشَّام، فكان في الشَّام خليفةً عشرين سنة، وملِكًا عشرين سنة، وكان سلطانُه قويًّا.
رابعاً: ومما ورد كذلك في فضل معاوية ما رواه العِرباض بن سارية رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: (اللهم عَلِّم معاويةَ الكتاب والحساب، وقِهِ العَذاب). أخرجه أحمد في مسنده
خامساً: ومما ورد في فضله كذلك عندما سُئل عبد الله بن المبارك: أيهما أفضل: معاويةُ بن أبي سفيان، أم عمرُ بن عبدالعزيز؟ فقال: "والله إنَّ الغُبار الذي دَخَل في أنف معاويةَ مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أفضل مِن عُمرَ بألف مرَّة؛ صلَّى معاوية رضي الله عنه خَلفَ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: سمع الله لمن حمده، فقال معاوية: ربَّنا ولك الحمد، فما بعد هذا؟!
سادساً: وعن أبي أُسامة، قيل له: أيُّهما أفضل: معاوية أو عمر بن عبدالعزيز؟ فقال: "أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لا يُقاس بهم أحد"، قال الإمام النووي: "وأمَّا معاوية فهو مِن العدول الفضلاء، والصحابة النُّجباء"؛ شرح النووي على صحيح مسلم.
سابعاً: ومن فضائله أنه عندما أصبح خليفة للمسلمين انطفأتِ بخلافته الفِتنة، واجتمع المسلمون على رايةٍ واحدة، وعادتِ الفُتوحات، وسار معاوية رضي الله عنه سِيرةً حسنة بالناس، فقرَّب البعيد، ولم يبقَ في أيَّامه معارضٌ؛ سوى قلَّة من الخوارج، وفي عهده اشتهر ما يُسمَّى بالصوائف والشواتي، وهي غزوة الشِّتاء والصيف.
ثامناً: هو أول من غزا البحر، وقد أثنى النبي صلى الله عليه وسلم عليه وعلى جيشه، عن أمِّ حرامٍ: أنَّها سمعت رسول اللَّه صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: (أوَّلُ جيشٍ من أمَّتي يغزون هذا البحرَ قد أوجبوا) فقالت حرامٍ: يا رسولَ اللَّه، أنا منهم؟ فقال: (أنتِ منهم) ثمَّ قال رسولُ اللَّه صلَّى الله عليه وسلَّم: (أوَّل جيشٍ من أمَّتي يغزون مدينةَ قيصر مغفورٌ لهم) فقالت أمُّ حرامٍ: يا رسول الله، أنا منهم؟ قال: (لا) رواه البخاري.
- قال الحافظ ابن حجر: "قال المهلَّب: في هذا الحديث منقبةٌ لمعاويةَ؛ لأنَّه أوَّل مَن غزا البحر، ومنقبةٌ لولده يزيد؛ لأنَّه أوَّل مَن غزا مدينةَ قيصر"