ما هي الحكمة من وجود السجدات في القرآن الكريم

الحكمة من سجود التلاوة، إنما تعد نوعا من التربية الروحية والنفسية للمؤمن، فسجود قارئ القرآن كلما مر بسجدة في تلاوته، لا يخرج عن كونه تأدبا مع الله عز وجل واحتراما لآياته وخضوعا لكلامه وشرعه، وحسن الإيمان به، وسبيل المسلم للرفعة والعطاء في الدنيا والآخرة، ومن أعرض عن السجود تكبرا على الله وآياته، باء بالخسران والبوار في الدنيا والآخرة، وسجود التلاوة تطبيق عملي مشروع عند قراءة القرآن، وقد تعد نوعا من الاستعداد العملي للمؤمن لتلبية نداء الله جل وعلا، فقال الله تعالى في موضع السجود: (ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون* الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم) [سورة النمل: 25]

ففي سجود التلاوة يتحقق معنى خشوع المؤمن وخضوعه لله تعالى، وفيها التطبيق العملي لمقتضى العلم والإيمان، في قوله تعالى: (إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا) [الإسراء: 107]

وفي هذا السجود خذلانا لإبليس، الذي رفض السجود لله عندما أمره بالسجود، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد، اعتزل الشيطان يبكي، يقول: يا ويله! أمر ابن آدم بالسجود فسجد؛ فله الجنة، وأمرت بالسجود فعصيت؛ فلي النار) حديث صحيح [صحيح الجامع: 727]

وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ سورة النجم، فسجد بها فما بقي أحد من القوم إلا سجد، فأخذ رجل من القوم كفا من حصى - أو تراب - فرفعه إلى وجهه، وقال: يكفيني هذا، قال عبد الله: فلقد رأيته بعد قتل كافرا. (أخرجه ابن حبان في صحيحه: 2764)

فيدل الحديث على أهمية سجود التلاوة وارتفاع قدرها عند الله جل وعلا.

حكم سجود التلاوة

سجود التلاوة سنة مؤكدة للتالي والمستمع، وهذا باتفاق جمهور الفقهاء من الشافعية، والحنابلة، والمالكية.

ودليل ذلك أن عطاء بن يسار -وهو أحد التابعين-، أنه سأل زيد بن ثابت رضي الله عنه، فزعم أنه قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم والنجم فلم يسجد فيها.

وعن ربيعة بن عبد الله بن الهدير -رضي الله عنه-، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قرأ يوم الجمعة على المنبر بسورة النحل حتى إذا جاء السجدة نزل، فسجد وسجد الناس حتى إذا كانت الجمعة القابلة قرأ بها، حتى إذا جاء السجدة، قال: يا أيها الناس إنا نمر بالسجود، فمن سجد، فقد أصاب ومن لم يسجد، فلا إثم عليه ولم يسجد عمر رضي الله عنه وزاد نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، إن الله لم يفرض السجود إلا أن نشاء. (صحيح البخاري: 1077)

وفي القرآن خمسة عشر موضعا يسجد فيها سجود التلاوة على المشهور. ويقال في سجود التلاوة ما يشرع قوله في سجود الصلاة من التسبيح والدعاء.