بداية أود أن أوضح الفرق بين الثقة بالنفس وبين الغرور.هناك صفتان في الشخص، إذا توفرت فيه، فهذا يعني أنه شخص مغرور.
أول صفات الشخص المغرور هي الشعور بالعظمة، فيشعر أنه فوق الآخرين ويرى أن الناس من حوله بلا قيمة، ولا يستحقون أي احترام أو تقدير. الصفة الثانية عند الشخص المغرور هي توهم الكمال، في اعتقاده هو شخص لا يخطئ، وأنه أفضل الجميع، وأنه أحسن إنسان.
أما الشخص الواثق من نفسه، فهو الشخص المرتاح مع إمكانياته وقدراته ومواهبه، ويمتلك السلام مع نفسه ومتصالح مع ذاته، وبالتالي يثق أنه بإمكانياته يستطيع تحقيق أهدافه. أي باختصار أن الثقة هي التقدير للإمكانيات أما الغرور فهو تعظيم للإمكانيات.
ومن المهم جدا أن نقوم بزرع الثقة في أطفالنا منذ الصغر، وهذا يتطلب بالأساس أن أكون على علم بإمكانياته، فهناك أطفال رياضيين ويتحركون كثيرا، بينما هناك أطفال آخرون متحدثين، وآخرون عندهم نباهة وسرعة بديهة، وهناك أطفال عندهم القدرة على التفكير في المستقبل، وغيرهم تجده ماهر في ألعاب التركيب كالليجو، و أطفال يحبون الرسم، فإذا ما أردت غرس الثقة في الطفل، فعلي أولا أن أتعرف على إمكانياته ومواهبه وأعرف ماذا يحب، ومن خلال هذه الأمور أبدأ بخطوة ثانية وهي تنمية هذه القدرات والمواهب، فتقدير الإمكانيات والتركيز على الموهبة عند الطفل تجعله يرى في نفسه قوة وبالتالي يتعامل مع أحداث الحياة بطريقة مختلفة.
من الأمور التي تسبب قلة الثقة بالنفس عند الأطفال أيضا، قيام الاهل بمقارنة طفلهم بأخيه، أو بطفل آخر، فالمقارنة بينهم جريمة نرتكبها بحقهم دون أن ندري، وهي سبب رئيسي لتدمير ثقة الطفل بنفسه، ذلك لأن القدرات مختلفة وتتباين بين شخص و آخر. فقد يواجه طفل ما صعوبة في التعلم، ولكن قد تجده مبدعا في جانب آخر، لذلك علينا أن نعدل ونوازن في التعامل مع أبنائنا حتى لو لم يمتلكوا إمكانية معينة، وهذا الأمر ينطبق أيضا على الأطفال المعاقين أو الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، فرغم إعاقتهم، تجدهم مميزين في أمر ما دونا عن الآخرين، وهو ما يجب تعزيزه عندهم لإكسابهم الثقة بالنفس.
أما إذا كان الذي يعاني من قلة الثقة بالنفس مراهقا، ثقته في نفسه متزعزعة، بسبب أنه مر ظروف جعلت ثقته في نفسه مهتزة، فقد يعاني هذا المراهق من الإحباط، ومصدر إحباطه على الأغلب هي أسرته أو المجتمع الذي يعيش فيه أو المدرسة التي يرتادها، فيمكن إعادة ثقته بنفسه عن طريق مدحه، فالمدح يشجع الإنسان، وإبراز نقاط القوة في شخصيته فإذا على سبيل المثال أقبل علينا هذا المراهق وهو يرتدى ملابسه الأنيقة وكان مرتبا، وذوقه في اللبس جميل، فيجب أن نمدح ذوقه. وتكرار مدحه في مختلف المناسبات سيجعله يرى نفسه بطريقة جيدة، لأننا نعزز عنده الثقة بالنفس، علما بأن المظهر الحسن بالذات يعزز الثقة بالنفس عند مختلف الأعمار. أو ربما يكون هذا المراهق متميزا من الناحية الدراسية، أو متفوق في مادة ما، فأبدأ بالتركيز على هذا الجانب المتميز فيه وأمدح لتتعزز ثقته، على عكس النقد المتكرر، والذي يؤدي الى تحطيم الثقة بالنفس.
في بعض الأحيان يفتقد البالغين للثقة بالنفس أيضا، بسبب الظروف الاجتماعية مثلا، كأن يمر الإنسان بتجربة الانفصال أو الطلاق ، أو تكرار فشل الخطبة بعد التعارف، أو الفقدان الوظيفي، أو عدم احترام من قبل الأقارب أو التعرض لمواقف معينة أخرى. لإعادة الثقة بالنفس مرة أخرى عدة طرق، وأحد الأفكار التي أعتبرها أنا شخصيا فكرة ذكية هي تكرار النجاح، أي خوض تجارب معينة وجديدة والحصول على الدعم والتعزيز من الأقارب والأصدقاء والمعارف للحصول على الأمل الذي يؤدي بالشخص الى النجاح في النهاية، وهذا النجاح الأول يتلوها سلسلة من النجاحات الأخرى، فتجعل الشخص يصبح قويا، وتتغير فكرته و نظرته لنفسه على انه فاشل، ويستبدلها بالثقة بالنفس نتيجة النجاحات المتتالية.
كذلك الصحبة مهمة لزيادة الثقة بالنفس، واكتساب السلوك والأخلاق، فأن تحيط نفسك بالأشخاص الإيجابيين والمتفائلين والواثقين من أنفسهم يؤثر عليك إيجابيا ، وسيكون عاملا مساعدا لك لحل مشكلتك واستعادتك ثقتك بنفسك.