بسم الله الرحمن الرحيم
بعث النبي عليه السلام متمما لمكارم الأخلاق، وكونه قدوة لنا فجزء كبير من دوره بناء شخصية المؤمن لما فيه خير لها في الدنيا والآخرة وبالتالي كان عليه الصلاة والسلام يحاول توجيه المؤمنين عن طريق أفعاله وأقواله لما فيه من خير لهم، ووصلتنا هذه التوجيهات عن طريق تجسيد الصحابة رضوان الله عليهم لها وروايتهم لهذه المواقف ومنها:
1) من أهم الصفات التي حث النبي عليه الصلاة والسلام على التحلي به الصدق والأمانة والوفاء وأن هذه الصفات هي الفارق بين المؤمن والمنافق حيث ويقول عليه السلام: (يَةُ المُنافِقِ ثَلاثٌ: إِذا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذا اّْؤتُمِنَ خانَ)
2) صفة الأمانة التي يحملها المؤمن في أخلاقه للناس تجعلهم يشعرون بعظمة الإسلام الذي يربي أبناءه على الصدق والأمانة وعدم الغدر والخيانة وحمل القيم الإنسانية لكل الناس، لذا يشكل أمان المؤمن للناس مصدر الدعوة إلى الدخول في الإسلام حيث قال النبي عليه الصلاة والسلام: (المؤمن من آمنه الناس على دمائهم وأموالهم) المقصود بالناس هنا في هذا الحديث ليس خصوص المسلمين، بل جميع الناس المسلم منهم وغير المسلم، فالمؤمن لا يسرق ولا يعتدي وهو حريص على مصالح الناس ولو كانوا غير مسلمين.
3) التعاون والتكافل صفة أساسية للمؤمن، الذي يهتم بمن حوله ويرحم الصغير ويعين الكبير، ويؤلمه ما يؤلم صاحبه، ويرجو لغيره ما يرجوه لنفسه والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (المؤمن للمؤمن كالبنيان, يشد بعضه بعضاً) وقال: (لا يُؤمِنُ حتَّىَ يُحِبَّ لأَخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ)، وقال: (تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَىَ عضو، تَدَاعَىَ لَهُ سائر الجسد بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّىَ)
4) المؤمن لا يؤذي أخاه ولا يسب ولا يلعن وهو بعيد عن الفحش وسوء الخلق ويقول خير الكلام وييسر على من حوله ويحترم من حوله ولا يخاصم أخاه تحت أي حال وفي ذلك أحاديث كثيرة منها: قال عليه الصلاة والسلام: (يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا، وَسَكِّنُوا وَلَا تُنَفِّرُوا).وقد قال لعائشة رضي الله عنها يحثها على الرفق في كل شيء: (مَهْلًا يَا عَايِشَةُ، عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ، وَإِيَّاكِ وَالْعَـُـِنْفَ وَالْفُحْشَ).وقال:(المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسانِهِ ويَدِهِ) وقال أيضًا: (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ)، وقوله: (وَيَقُولُونَ: الْكَرْمُ، إِنَّمَا الْكَرْمُ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ).قال عليه الصلاة والسلام: (المؤمن أخو المؤمن, فلا يحل للمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه, ولا أن يخطب على خطبة أخيه حتى يذر))
5) وقال: وقال: (لا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا، وَلا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ). وهنا حثنا على حب الخير للآخرين، وعدم الخصام والمشاحنة والعفو والتسامح وهذه من صفات المؤمن كذلك وأنه أيضا مرآة أخيه المؤمن في الحق ومعين له في التراجع عن الباطل حيث يقول صلى الله عليه وسلم: (المؤمن مرآة أخيه المؤمن ينصحه إذا غاب عنه ويميط عنه ما يكره إذا شهد ويوسع له في المجلس)
ومن هذه الأخلاق الحياء كما في قوله : (الإِيمانُ بِضْعٌ وسِتُّونَ شُعْبَةً، والحَياءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمانِ).
6) يقول النبي صلى الله عليه وسلم :((خيركم خيركم لأهله)) الإنسان عادة في بيته لا يوجد عليه رقيب لذلك يتعامل بطبعه ولا يحاول أن يجمل ما هو عليه ، لذلك أمرنا الرسول عليه الصلاة والسلام أن نركز على حسن الخلق والخير لأهل البيت قبل الغريب ، والأقربون أولى بالمعروف فهم أولى بحسن الخلق والمعاملة الطيبة وحتى أن الرسول جعلهم أولى بالصدقة ، وكانت هذه من عادات العرب القدية التي أقرها الإسلام ،صلة الرحم والاهتمام بالأقارب من أهل البيت أو من العائلة 7) ويقول عليه الصلاة والسلام: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله تعالى من المؤمن الضعيف) والقوة هنا مطلقة قد يكون قويا بالمال أو السلطان أو العلم ، فالفكرة أن هناك نقطة قوة فالغني يعين الفقير وينشر الخيرات والعالم يعلّم الجاهل وينير الدروب وحث النبي بذلك على العمل والسعي للتحسين وربطها بصفات المؤمن وقال عليه الصلاة والسلام: ((المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف, وفي كل خير, احرص على ما ينفعك, واستعن بالله ولا تعجز, -احرص, الاستسلام, والمشكلة, الخنوع, يقول لك: هذا حظي, هذا قدري, ليس بيدي شيء, لا؛ لا تستسلم, لا تيأس, وﺇن أصابك شيء, فلا تقل: لو أني فعلت كذا وكذا, ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل, فإن كلمة لو تفتح عمل الشيطان)) يعني المؤمن: كل شيء أصابه, يعد برداً وسلاماً, يراه من الله عز وجل، وفي هذا قوله عليه السلام : (عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ) ونحن نعرف أن صفات المؤمن في القرآن تنقسم إلى صفات متعلقة بعبادته وصفات متعلقة بتعامله مع الآخرين ، ومما سبق نلاحظ أن النبي صلى الله عليه وسلم ركز كثيرا على الصفات التي ترسخ في المؤمن الأخلاق التي تعينه على حياته في الدنيا وتحسن علاقته بالآخرين ويكسب الحسنات للآخرة أيضا ولكننا نجد ترطيز النبي دائما على حسن الخلق لأنه بداية لكل عمل خير يقوم به المؤمن حيث قال صلى الله عليه وسلم :(ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن) وقال أيضا: (إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم))