معظم الناس عندهم مشكلة التسويف وقلة الإنتاجية، فلا ينجزون المهام الواجبة عليهم بحسب أولوياتهم، ومما يسبب للإنسان ضغطا عصبيا كبيرا، هو شعوره بأنه غير قادر على الإنجاز وترتيب الأولويات، ولذلك السبب، يلزم للشخص أن يعمل على تنظيم حياته عن طريق نظام يعتمده ويرتاح له ويساعده على الإنجاز، فكل شيء نحصل عليه في حياتنا، هو نتيجة لأفعالنا ولعاداتنا حتى نحصل في النهاية على النتائج التي نرغبها في كافة مجال حياتنا.
جميعنا علينا واجبات ولدينا أولويات، إلا أنه قد يختلط علينا الأمر في بعض الأحيان، فلا نعود نركز في الأمور الأكثر أهمية من غيرها، لذلك ومع تسارع الحياة اليومية، علينا أن نتوجه إلى فكرة إعادة ترتيب أولوياتنا في الحياة، والتي تعتمد أساسا على خمس مبادئ أو خطوات أو مراحل مهمة هي:
الحصر، الوضيح، الترتيب، المراجعة، وأخيرا مرحلة التطبيق
وسأقوم بتفسير هذه المراحل أو المبادئ الخمسة تاليا لك، حتى تتمكن من إعادة تربية أولوياتك كلما لزم الأمر.
أولا: الحصر
إن العقل البشري في الإنسان يمتلك قدرات كبيرة جدا، وهذه القدرات غالبا تكون في مجال التخطيط والتنظيم والتفكير والتحليل، إلا أنه للأسف الشديد، يفتقر القدرة على تذكر كل المعلومات بما فيها من تفاصيل كثيرة.
ولذلك فإنك في المرحلة الأولى من مراحل إعادة ترتيب أولوياتك، تحاول أن تحصر جميع المعلومات التي حصلت عليها، عن طريق محاولة الاحتفاظ بها في مكان معين، وكأنك تقوم بنقلها من دماغك الذي تلقى هذه المعلومة، إلى مكان آخر، لتتمكن من استخدامها في وقت لاحق، وذلك في سبيل تنظيم حياتك وأولوياتك بشكل أفضل.
على سبيل المثال، يتعرض عقلك يوميا، لكمية كبيرة جدا من المعلومات المختلفة، منها ما هو رسائل نصية، ومكالمات هاتفية، أو مواد تقوم بدراستها أو قراءتها، أو خواطر تأتيك خلال اليوم.
كمية كبيرة جدا من المعلومات تتعرض لها كل يوم، وتحتاج لوضعها وحفظها في مكان معين، حتى لا تجهد عقلك في أن يفكر بها بشكل مستمر. ولذلك، عليك أن تستخدم إحدى الطريقتين التاليتين:
الطريقة الأولى هي أن تحاول أن تدون ورقيا جميع الأمور التي تمر بها، عن طريق كتابتها في دفتر خاص.
الطريقة الثانية هي أن تستخدم التدوين الرقمي أو الإلكتروني، أي أن تستعمل جهاز الموبايل أو الهاتف الذكي، وتقوم بتدوين ما لديك من معلومات على إحدى التطبيقات المعروفة، مثل Evernote أو Notion.
ثانيا: التوضيح
إن مشكلة التسويف وقلة الإنتاجية، هي في الحقيقة مشكلة عدم وضوح، فأنت تشعر كأنك لا تعرف ما عليك فعله على وجه التحديد، وليست لديك خطة واضحة للأمور التي تود الوصول إليها، ولذلك فإن خطوة التوضيح هي خطوة مهمة جدا، ويقصد بها توضح الأهداف أو الأمور التي تود الوصول إليها.
في هذه الخطوة، أريدك أن تأخذ أفكارك، وتقوم بتقسيمها إلى نوعين:
النوع الأول هو الأفكار القابلة للتنفيذ، وهي الأمور التي يمكنك القيام بها عن طريق وضع خطة لتنفيذها خلال مدة زمنية معينة، ومنها ما يمكن تنفيذه فورا ويجب إنجازه في الوقت الحالي، ومنها ما يمكن إنجازه في وقت لاحق.
النوع الثاني هو الأفكار الغير قابلة للتنفيذ، وهي التي لا تستلزم القيام بأمر جديد لتنفيذها، فيمكنك تدوين المعلومة في مكان ما لتتمكن من الرجوع إليها في وقت لاحق. فعلى سبيل المثال، يمكنك أن تسجل ملاحظة بأنك قمت بدفع فاتورتك المستحقة للكهرباء، ولا يلزمك القيام بأي شيء بعدها، وبناء على ذلك لا يلزمك التخطيط للمستقبل فيما يخص هذا الأمر.
ثالثا: الترتيب
بعد قيامك بكتابة أفكارك وأولوياتك، وبعد تقسيمها إلى أمور قابلة للتنفيذ وأمور غير قابلة للتنفيذ، قم بأخذ الأمور القابلة للتنفيذ المختلفة، وابدأ بترتيبها بحسب المشروع والوقت والسياق.
عندما تقسمها بحسب المشروع، فإنك تحدد الأمور المهمة في حياتك، فلو كنت مثلا تدرس مادة معينة، أو تحضر نفسك لاختبار ما، فإنك ترى جميع المشاريع الهامة بالنسبة لك في حياتك، وتحاول أن تقوم بتقسيمها، لترى الوقت الذي يمكنك أن تخطط فيه لتنفيذ هذه المشاريع.
عندما تقوم بالتقسيم بحسب الوقت، فهي تساعدك على تذكر التواريخ الهامة التي من الممكن أن تنساها سهوا، فبعض الأشخاص مثلا ينسون تاريخ عيد زواجهم، أو ينسون موعدهم مع الطبيب، أو موعد اجتماع عمل معين مع شخص مسؤول. لذا تقوم بترتيب التقويم الزمني بطريقة تمكنك من تذكر كل المواعيد الهامة بالنسبة لك.
أما تقسيم المهمات بحسب السياق، فمن الممكن استخدام هذه الطريقة، لتجميع الأولويات المتشابهة، وتقوم بتقسيمها وتجميعها، بحيث يصبح ترتيبها بشكل أفضل.
على سبيل المثال، يمكنك تقسيم جميع المكالمات الهاتفية التي تستوجب أو تقوم بها مسبقا، ووضع مواعيد معينة للاتصال، وتحاول أن تتبع هذا النمط أو الجدول الذي يساعدك على أن تنهي جميع المكالمات الهامة.
كل ما سبق عبارة عن طرق تساعدك على أن تعيد ترتيب أفكارك وأولوياتك والمهام التي تريد إنجازها، وهي عبارة عن مقترحات، ولكن في نهاية الأمر، أنت الشخص الوحيد الذي يعرف الطريقة الأنسب لترتيب أفكاره، فأنت تعرف نفسك أكثر من غيرك، وتعلم ما هي احتياجاتك وتعرف ما هي الأمور التي تستلزم منك جهدا ووقتا أكثر من غيرها.
رابعا: المراجعة
بعد أن تكون قد انتهيت من مرحلة الكتابة والحصر ووضحت الأفكار والمسؤوليات والأولويات التي عندك، وبعد ما أن قمت بترتيبها، تبدأ في المرحلة قبل النهائية، وهي مرحلة المراجعة.
في هذه المرحلة تقوم بمراجعة جميع الأمور والأولويات على نحو مستمر، أسبوعيا وشهريا وكل ستة ست شهور، وذلك للقيام بأي تعديلات لازمة.
كما أنك في هذه المرحلة تقوم بتدقيق الأفكار الغير قابلة للتنفيذ، لتدرس إن كنت فعلا تحتاج استخدامها أم لا. ثم تطلع على الأمور القابلة للتنفيذ، لترا إن كنت قادر على التعديل عليها.
خامسا: مرحلة التطبيق
بعد أن تكون قد طبقت المراحل الأربعة السابقة، تكون الآن قادر على التنفيذ، فأنت تمتلك جدولا واضحا، وتقويم زمني محدد يساعدك على تنفيذ كل أولوياتك، ولو استجد عليك أمرا، ولزم أن توليه أهمية، أو أن تقوم بتعديل ما، فيمكنك الرجوع إلى الخطوة الرابعة الخاصة بالمراجعة لتقوم بتعديل جميع الأمور والتواريخ التي تود تعديلها.
إن الطريقة التي ذكرتها لك، طريقة واضحة وبسيطة، إلا أنها في بداية الأمر تحتاج وقتا ومجهودا، إلا أنك لو قمت باستثمار هذا الوقت والمجهود، فإنك ستتمكن فعلا من الوصول إلى الأهداف التي تريدها.